الذي باعك الجراد. قال: فما زالوا في طلبه حتى اجتاز بالباب دفعة ثانية فأراه الطبيب. فقال: ممن اشتريت هذا الجراد؟ فقال ما اشتريته. أنا أصيده وأجمع منه شيئا كثيرا وأطبخه على الأيام وأبيعه. فقال: من أين تصيده؟ فذكر قرية على فراسخ يسيرة من بغداد. فقال له الطبيب: أعطيك دينارا وتدع شغلك وتجئ معي إلى ذلك الموضع. فقال: نعم فخرجا وعاد الطبيب من غد، فذكر أنه رأى ذلك الجراد يرعى في صحراء أكثرها حشيشة يقال لها المأذريون وهي دواء الاستسقاء فإذا دفع إلى العليل منها دون درهم أسهله اسهالا يزيل الاستسقاء ولكن لا يؤمن من أن لا ينضبط ولا يقف فيقتله الذرب، والعلاج بها خطر جدا وهي مذكورة في الكتب ولفرط ضررها لا يكاد يصفها الطبيب فلما وقع الجراد على هذه الحشيشة وانطبخت في معدته ثم طبخ الجراد ضعف فعلها بطبيخين اجتمعا عليه وقضى أن تناولها هذا بالانفاق، وقد تعدلت بمقدار ما يدفع طبعه دفعا قطع بانقطاع العلة فبرأ.
حدثني محمد بن أحمد بن طوطئ الواسطي أبو الحسين. قال: سمعت أبا على عمر بن يحيى العلوي الكوفي رحمه الله يقول: كنت في بعض حججي في طريق مكة فاستسقى رجل كان معنا من أهل الكوفة، وثقل في علته وسل الاعراب قطارا من القافلة كان على جمل منه هذا العليل فافتقد وجزعنا عليه وعلى القطار وكنا راجعين إلى الكوفة فلما كان بعد مدة جاءني العليل إلى داري معافا فسألته عن قصته وسبب عافيته. فقال: إن الاعراب لما سلوا القطار ساقوه إلى محلهم، وكان من المحجة على فراسخ يسيرة فأنزلوني ورأوا صورتي فطرحوني في أواخر بيوتهم وتقاسموا ما كان في القطار فكنت أزحف وأتصدق من البيوت ما آكله فأطعم فتمنيت الموت وكنت أدعو الله عز وجل به أو العافية. فرأيتهم وقد عادوا يوما من ركوبهم فأخرجوا أفاعي قد صادوها فقطعوا رؤسها وأذنابها وسووها وأكلوها.
فقلت: هؤلاء يأكلون هذه فلا تضرهم بالعادة التي نشؤا عليها ولعلى إن