أمر بالطلاق للعدة، ونهى عن التزويج في العدة. فخالفوا لامره ووقفوا على نهيه عند أنفسهم، وفي مخالفة هذا الامر إباحة ذلك النهي. لأنهم إذا حرموا هذا الفرج بهذه المعصية أباحوه بها، وهذا بين لمن تدبره ووفقه الله لفهمه.
ومن قولهم إن رجلا لو قام في وقت الغداة فصلى صلاة يومه ذلك وليلته المقبلة وما بعد ذلك لم يجز من صلاته إلا الصلاة التي صلاها لوقتها. ذلك لان الله (ع ج) إنما فرض كل صلاة لوقتها، والمصلى عندهم قبل وقتها غير مصل، وكذلك الحج وصوم شهر رمضان، وكل فرض فرضه الله عز وجل في وقت معلوم، لا يجوز أن يؤدى قبل وقته، فالطلاق كذلك، لان الله عز وجل أمر به في وقت حده وبينه، ونهى عن تعدى حدوده، فمن تعدى ذلك لم يجز طلاقه كما لا يجوز صومه ولا حجه ولا صلاته. لان الفرض في كل ذلك في وقت محدود. فالوقت المحدود مفروض. فمن تعدى فرض الله عز وجل وخالف حدوده لم يجز فعله، ولو جاز في وجه واحد لجاز في غيره، والحجج في هذا كثيرة لو تقصيناها وذكرنا حجج القائلين بطلاق البدعة ونقضها لخرج ذلك عن حد هذا الكتاب، وفيما ذكرنا من ذلك كفاية لمن وفق للصواب.
(1004) وروينا عن علي وأبي عبد الله وأبي جعفر (ع) أنهم قالوا:
خمس من النساء يطلقن على كل حال: الحامل، والتي لم يدخل بها زوجها، والصغيرة التي لم تحض، والكبيرة التي قد يئست من المحيض، والغائب عنها زوجها غيبة بعيدة. وطلاق الحبلى واحدة وهو أحق برجعتها ما لم تضع ما في بطنها، فإن وضعت فقد بانت عنه وهو خاطب من الخطاب، والتي لم يدخل بها إذا طلقها واحدة فقد بانت منه، وإن طلقها بعد ذلك قبل أن يراجعها لم يلحقها الطلاق لأنها قد بانت منه بالأولى، فإنما طلق طالقا،