من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وأجمعوا على أن المراد بذلك الزكاة، وأجمعوا كذلك أنها لم ترفع عنهم بوفاة رسول الله (صلع) وأن عليهم أن يعطوها الامام بعده، وفعلوا ذلك صدرا من الزمان حتى رأوا (من) استئثار (1) أئمتهم الظالمين المغتصبين حقوق الأئمة الطاهرين، الجالسين مجالسهم ما رأوه من اقتطاعهم إياها واستئثارهم لأنفسهم بها، فرضوهم أئمة لأنفسهم ومنعوهم ما قدروا على منعه من زكاة أموالهم، وفى هذا من التغاير ما لا يخفى على (2) ذوي العقول، إن كانوا عندهم أئمة فما ينبغي لهم أن يمنعوهم زكاتهم، وعليهم أن يدفعوها إليهم كما فرض الله عز وجل عليهم، وليس عليهم ما قلدوه هم (3) من (4) وضعها (في غير) مواضعها، لان الفرض عليهم قد سقط عنهم، وعلى أئمتهم إذا كانوا أئمة عندهم (5) أن يضعوها كما أمرهم الله عز وجل مواضعها، وإن لم يكونوا أئمة عندهم فعليهم طلب الأئمة والكون معهم، ودفع زكاتهم وصدقاتهم إليهم، ليستعينوا بما أوجب الله (تع) منها في سبيله على من اضطهدهم واجبهم واغتصبهم حقهم، وينصروهم عليهم ويجاهدوا معهم (6) كما أمر الله عز وجل بأموالهم وأنفسهم. وقد بين رسول الله (صلع) سبيل ذلك للناس ودلهم عليه بإخباره إياهم بتحريم الزكاة عليه وعلى أهل بيته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، ليعلموا أنهم مأمونون عليها إذ لا يحل لهم شئ منها. وقد رووا (7) عنه صلوات الله عليه أنه نظر إلى الحسين (8) بن علي (ع) وهو طفل صغير، وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول الله (صلع) من فيه بلعابها وردها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: إنا أهل بيت (9)، لا تحل لنا الصدقة. وسنذكر هذا بتمامه في موضعه إن شاء الله (تع).
وبالاسناد الأول عن رسول الله (صلع) أنه قال: أول من يدخل الجنة من الناس شهيد أو عبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح سيده، أو رجل