لم يتكل على بنائك، فمكث البيت حينا (1) فانهدم فبنته العمالقة، ثم مكث حينا فانهدم، فبنته جرهم، ثم انهدم، فبنته قريش ورسول الله يومئذ غلام، وقد نشأ على الطهارة وأخلاق الأنبياء، وكانوا يدعونه الأمين. فلما انتهوا (2) إلى موضع الحجر أراد كل بطن من بطون قريش أن يلي وضعه موضعه. فاختلفوا في ذلك، ثم اتفقوا على أن يحكموا في ذلك أول من يطلع عليهم، فكان ذلك رسول الله (صلع)، فقالوا: هذا الأمين، قد طلع، فأخبروه الخبر، فانتزع ر (صلع) إزاره ووضع الحجر فيه، وقال: يأخذ من كل بطن من قريش رجل بحاشية الإزار وارفعوه معا، فأعجبهم ما حكم به، وأرضاهم وفعلوا، حتى إذا صار إلى موضعه وضعه فيه رسول الله (صلع).
قال أبو جعفر (ع): والحجر كالميثاق واستلامه كالبيعة، وكان إذا استلمه قال: اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالبلاغ، ونظر (صلع) إلى الناس يطوفون وينصرفون، فقال: والله لقد أمروا مع هذا بغيره، قيل: وما هو، يا بن رسول الله؟ قال: أمروا إذا فرغوا من طوافهم أتونا فعرضوا علينا أنفسهم.
وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: ما سبيل من سبل الله أفضل من الحج إلا رجل يخرج بسيفه فيجاهد في سبيل الله حتى يستشهد.
وعنه (صلع) أن رجلا سأله فقال: يا بن رسول الله، أنا رجل موسر وقد حججت حجة الاسلام، وقد سمعت ما في التطوع بالحج من الرغائب، فهل لي إن تصدقت بمثل نفقة الحج أو أكثر منها ثواب الحج؟ فنظر أبو عبد الله (صلع) إلى (3) أبى قبيس وقال: لو تصدقت بمثل هذا ذهبا وفضة ما أدركت ثواب الحج.
وعنه عن رسول الله (صلع) أنه قال: من طاف بهذا البيت أسبوعا وأحسن صلاة ركعتيه غفر له.
وعن علي (صلع): أن رسول الله (صلع) لما حج حجة الوداع وقف بعرفة وأقبل على الناس بوجهه، فقال: مرحبا بوفد الله، ثلاثا، الذين إن سألوا