منا ونحن جيرانه وأقرب الخلق إليه. فلما رفعوا رؤوسهم قال الله عز وجل: (2) " إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " يعنى ما أبدوه بقولهم: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " وما كتموه فقالوا في أنفسهم: ما ظننا أن الله يخلق خلقا أكرم عليه منا، فعلموا أنهم قد وقعوا في الخطيئة فلاذوا بالعرش فطافوا حوله يسترضون ربهم فرضى عنهم، وأمر الله الملائكة أن تبنى في الأرض بيتا ليطوف (2) به من أصاب ذنبا من ولد آدم (ع) كما طافت الملائكة بعرشه فيرضى عنهم كما رضى عن الملائكة (3)، فبنوا مكان البيت بيتا (4) رفع زمان الطوفان، فهو في السماء الرابعة، يلجه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا، وعلى أساسه وضع إبراهيم صلوات الله عليه البيت. فلما أصاب آدم الخطيئة وأهبطه الله تعالى إلى الأرض أتى إلى البيت فطاف به كما رأى الملائكة طافت بالعرش سبعة أشواط (5) ثم وقف عند المستجار، فنادى: رب اغفر لي، فنودي، يا آدم قد غفر الله لك، قال: يا رب، ولذريتي، فنودي: يا آدم من باء بذنبه من ذريتك حيث بؤت أنت بذنبك ههنا غفر الله له.
وعن علي (صلع) أنه قال: أوحى الله إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض أعبد فيه، فضاق به ذرعا (ع)، فبعث الله إليه السكينة وهي ريح لها رأسان، يتبع أحدهما صاحبه، فدارت على أس البيت الذي بنته الملائكة فوضع إبراهيم البناء على كل شئ استقرت عليه السكينة، وكان إبراهيم (ع) يبنى وإسماعيل يناوله الحجر، ويرفع إليه القواعد، فلما صار إلى مكان الركن الأسود، قال إبراهيم لإسماعيل: أعطني الحجر (6) لهذا الموضع، فلم يجده وتلكأ (7) فقال:
اذهب فاطلبه، فذهب ليأتيه به، فأتاه جبرئيل (ع) بالحجر الأسود، فجاء إسماعيل (ع) وقد وضعه إبراهيم موضعه، فقال: من جاءك بهذا؟ فقال: من