بأجمعهم إلى اليوم مصرون على اتباع عمر في هذا وترك اتباع رسول الله (صلع)، واحتجوا بقول عمر هذا، وظاهر هذا القول يغنى عن الاحتجاج على قائله، وإنما أمر الله عز وجل بالأخذ عن رسوله (صلع) فقال: (1) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، وقال: (2) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، وقال: (3) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا.
وقال رسول الله (صلع): اتبعوا ولا تبتدعوا، فكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أفكان عمر عند هؤلاء الرعاع أعلم بمصالح الدين والمسلمين أم الله ورسوله؟ وقد أنزل الله عز وجل في كتابه من الرغائب والحض على الصلاة وعلى الجهاد وعلى كثير من أعمال البر ما أنزله وافترض فرائضه، فهل لاحد أن يسقط من كتاب الله عز وجل شيئا مما حض به على فريضة من فرائضه، أو هل وسع لاحد في ترك فريضة لأنه حض ورغب في غيرها أكثر مما حض ورغب فيها؟ هذا ما لا يقوله عالم ولا جاهل، ولا بلغنا عن أحد من الناس أنه توهمه ولا أومى إليه، فيكون ما قال عمر ومن اتبعه، ولو كان الجهال توهموا ذلك كما زعم وزعموا لم يجز إسقاط ما أمر الله ورسوله بإثباته والنداء به في كل يوم وليلة عشر مرات في كل مسجد وعند كل جماعة وأفراد، لظن الجهال أو توهم الرعاع الأشرار، ولو وسع ذلك ووجب لوجب أيضا إسقاط كل ما قام في عقول الجهال فساده من شرائع (4) الاسلام فأكثرها إذا يجهله الجاهلون وتدفعه عقولهم، ولم يأمر الله (تع) باتباع الجاهلين، وإنما أمر بتعليم من لقن وقبل منهم،، والاعراض عمن لم يقبل، وجهاد من كذب وكفر،