المركب المأمور به ليس تمام أجزائه تحت قدرة المكلف واستطاعته ولا تمامها خارج عن تحت قدرته بل يقدر على إتيان البعض دون البعض الآخر، وكذلك في الطبيعة المأمور بها قادر على إتيان بعض الافراد دون بعضها فهل يشك أحد في أن المراد به إتيان أجزاء المقدورة من ذلك المركب والافراد المقدورة من تلك الطبيعة؟
هذا تمام الكلام في الحديث الأول.
وأما الثاني: أي الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو قوله عليه السلام: (الميسور لا يسقط بالمعسور) (1) فهو في دلالته على المطلوب أوضح، لان ظاهر هذا الكلام أن الميسور من كل ما أمر به الشارع الأقدس لا يسقط بواسطة سقوط المعسور من ذلك الشئ فإذا أمر بالصلاة أو بعبادة أخرى فكان بعض أجزاء تلك العبادة معسورا وسقط التكليف عنه بواسطة تعسره أو تعذره فلا يوجب سقوط هذا البعض سقوط البعض الميسور من تلك العبادة. وهذا عين مفاد هذه القاعدة وليس هاهنا مورد مثل الحديث النبوي صلى الله عليه وآله كي يأتي الاشكال المذكور فيه فيحتاج إلى الأجوبة التي تقدمت أو إلى غيرها.
نعم يمكن أن يكون المراد من قوله عليه السلام: (الميسور لا يسقط بالمعسور) أعم من الاجزاء والافراد فباعتبار كونه الميسور من المركب يكون الاجزاء غير المتعذرة أو غير المتعسرة ميسورة وباعتبار إضافته إلى الطبيعة الكلية يكون ميسورها هو الافراد غير المتعذرة فيشمل كلا الامرين ولا وجه لتخصيصه بأحدهما.
فكما أن الصلاة - مثلا - لو تعذر إتيان بعض أجزائها دون البعض الآخر يشملها هذا الحديث فكذلك لو قال: أكرم السادات أو العلماء والمكلف متمكن من إكرام بعض دون بعض فلا يسقط وجوب إكرام الافراد الميسور إكرامهم بواسطة تعذر إكرام الآخرين أو تعسره.