واحد وعدم تعدد التكليف ولا المكلف به مع القول بعدم تداخل الأسباب وان تعدد السبب موجب لتعدد المسبب متنافيان لا يجتمعان.
ولكن التحقيق ان هذا التوهم باطل، وذلك من جهة ان الطلب - فيما مثلنا من المثالين وما هو من هذا القبيل - تعلق بصرف الوجود من طبيعة الصوم والاكرام، وكذلك بالنسبة إلى متعلقيهما - أي: اليوم والعالم - فلفظ صم يوما وكذلك أكرم عالما ظاهر في طلب صرف الوجود من طبيعة الصوم، وكذلك في صرف الوجود من اليوم في المثال الأول، وكذلك الامر في المثال الثاني - اي: الطلب - تعلق بصرف الوجود من طبيعة الاكرام وصرف الوجود من طبيعة العالم.
وصرف الوجود من كل شئ يتحقق بأول وجود منه، إذ هو نقيض عدمه المطلق، ولو لم يصدق صرف الوجود للشئ على أول وجود من ذلك الشئ يلزم اجتماع النقيضين، إذ المراد من صرف وجود الشئ وجوده المطلق من دون اي تقييد فيه وهو نقيض عدمه المطلق أي: من دون تقييد في ذلك العدم، ومعلوم ان الوجود المطلق والعدم المطلق المحمولان على شئ نقيضان لا يجتمعان، فالوجود الثاني أو الثالث وهكذا، وكذلك الوجود المعنون بعنوان الآخر للطبيعة ليس جميع ذلك مصداقا لمفهوم صرف الوجود، وهذا مرادهم من قولهم: صرف الشئ لا يتكرر ولا يتثنى.
فلو أراد الآمر وجود طبيعة مرة أخرى لا بد له ان يقيد مطلوبه بكلمة " ثانيا " أو " الآخر "، أو " مرة أخرى "، والا لو تعلق الطلب بوجود شئ من دون أي تقييد في المطلوب يكون متعلقا بصرف وجود ذلك الشئ، وحيث إن صرف الوجود لا يتكرر فلا بد من حمل الطلب الثاني والثالث - وهكذا - على التأكيد لا التأسيس.
ومثل هذا خارج عن مورد هذا البحث، لما ذكرنا ان مورده فيما إذا كان المسبب قابلا للتعدد والتكرار، فعلى فرض تسليم ان المفروض من قبيل الأسباب والمسببات لا يأتي ذلك البحث هاهنا، إذ الشك في وقوع شئ فرع امكانه، والا فالعاقل الملتفت