بعد سقوطه أو اسقاطه باعتبار اضافته إلى بعض الأسباب، وذلك من جهة ان الشك في التداخل وعدمه وإن كان موجبا للشك في وجود الخيار بعد سقوطه أو اسقاطه، مضافا إلى أحد أسبابه ولكنه ليس شكا في بقاء ما هو كان موجودا يقينا الذي هو موضوع الاستصحاب، لأنه على تقدير التداخل حيث إنه كان خيار واحد له ارتفع يقينا بالاسقاط أو السقوط، ولم يبق شئ ولو من حيث اضافته إلى سائر الأسباب غير ما أسقط أو سقط، وعلى تقدير عدم التداخل فموجود يقينا من حيث اضافته إلى سائر الأسباب.
وحيث إن المفروض هو الشك في التداخل وعدمه، فما عدا الساقط مشكوك الحدوث، لا مشكوك البقاء ومتيقن الحدوث كي يجري الاستصحاب وأما استصحاب بقاء الجامع - بين ما سقط والمضاف إلى سائر الأسباب لأنه مشكوك البقاء - وإن كان صحيحا من حيث تمامية أركانه لكنه من القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي الذي أثبتنا عدم صحة جريانه.
وخلاصة الكلام ان الوضعيات ان لم تكن قابلة للتكرر ولا للتأكد فعند اجتماع الأسباب وتعددها لا يأتي بحث التداخل وعدمه، وأيضا لا حكم للشك في التداخل وعدمه، بل لا موضوع له، لأن المفروض ان عدم التداخل بمعنى تعدد المسبب أو تأكده غير ممكن فيه.
ولعله تكون الجنابة والنجاسة من هذا القبيل، فإذا وجدت للجنابة أو النجاسة أسباب متعددة سواء أكانت تلك الأسباب من سنخ واحد كما إذا جامع مرارا أو لاقى مكانا من بدنه البول مرارا، أو كانت من أسناخ متعددة، كما إذا جامع بدون انزال وانزل بدون الجماع، هذا بالنسبة إلى الجنابة، أو لاقى مكانا من بدنه أو من ثوبه أو شئ اخر البول والمني أو نجس اخر، ففي جميع هذه الصور لا تؤثر هذه الأسباب تعددا في الجنابة أو في نجاسة المحل ولا تأكدا فيهما