بالفرد الآخر من طبيعة المسبب ليس تشريعا كي يكون محرما، بل عمل بمقتضى تأثير الأسباب المتعددة وإن كان يجوز له الاكتفاء بفرد واحد منة منه تعالى عن عباده.
هذا ما ذكره شيخنا الأستاذ (قده) في هذه الصورة بناء على ما ذكره من أن تداخل المسببات عبارة: عن الاكتفاء بمسبب واحد عن الأسباب المتعددة المؤثر كل واحد منها تأثيرا مستقلا (1).
ولكن أنت خبير بأن هذا ليس من تداخل المسببات، بل هو اسقاط ما في ذمة العبد من الافراد المتعددة إلا فردا واحدا، والظاهر من تداخل المسببات هو أن يكون الفرد الواحد من طبيعة المسبب أثرا للجميع وهذا المعنى إما أن يرجع إلى تداخل الأسباب، بمعنى: ان الأسباب المتعددة في عالم التأثير لها اثر واحد، فيكون خارجا عن مفروض الكلام، لان مفروضنا الآن هو تداخل المسببات دون الأسباب. وإما أن يكون المراد ان الآثار المتعددة المسببة عن الأسباب المتعددة يندك بعضها في بعض ويوجد مسبب واحد، وذلك كالسرج المتعددة التي كل واحد منها يؤثر في وجود مرتبة من الضوء في الغرفة مثلا مستقلا، لكن تلك الآثار يندك بعضها في بعض ويتشكل ضوء واحد قوي.
فنقول: في الشرعيات مثلا موجبات الوضوء أو الغسل كل واحد منها يؤثر في مرتبة من الحدث، فيوجد حدث واحد قوي أصغرا كان أو أكبرا فيرتفع بوضوء واحد في الأول وبغسل واحد في الثاني، فيصح ان يقال: إن هذا تداخل المسبب من دون تداخل أسبابها. وإلا لو كان لكل سبب تأثير مستقل في وجود فرد من طبيعة المسبب ومع ذلك الافراد الموجودة بحدودها المعينة تصير فردا واحد فهذا محال معناه صيرورة الاثنين واحدا وهو مستلزم لاجتماع النقيضين.