على تداخل الأسباب فليس في البين الا مسبب واحد ولا توجد مسببات كي يقال بتداخلها، ويكون كما إذا وجد سبب واحد فهل يمكن البحث في ذلك المورد من أن الأصل هل هو تداخل المسببات أم لا؟ لا شك في أنه لا يمكن، لان مفهوم التداخل سواء أكان مضافا إلى الأسباب أو إلى المسببات لا يتحقق الا مع تعددهما أي الأسباب والمسببات، والا فمع وحدتهما لا معنى للتداخل، كما بينا ان التداخل عبارة:
عن دخول كل واحد من الشيئين في الاخر.
ثم إن الفرق بين تداخل الأسباب وتداخل المسببات من حيث ثمرة البحث هو انه لو قلنا بان مقتضى الأصل تداخل الأسباب والمسببات جميعا، ففي مورد الشك مثل انه تكرر منه الاكل في نهار شهر رمضان لا يجوز له ان يعطي أكثر من كفارة واحدة بعنوان الوجوب وامتثال الامر، لأنه تشريع محرم.
ولو قلنا بان مقتضى الأصل تداخل الأسباب دون المسببات فأيضا يكون الامر كذلك، من جهة انه وان صدر السبب متعددا سواء أكانت الأسباب المتعددة من سنخ واحد أو من أسناخ متعددة لكنها بمنزلة سبب واحد، لتداخلها على الفرض، فلا يجب عليه الا مسبب واحد ويشتغل ذمته بذلك الواحد فقط، فاتيان غيره بعنوان الوجوب وامتثال الامر يكون تشريعا محرما.
ولو قلنا بتداخل المسببات دون الأسباب فإنه وإن كان له الاكتفاء بالواحد لما ذكرنا من أن المراد من تداخل المسببات الاكتفاء بمسبب واحد عن أسباب متعددة، وذلك كالاكتفاء بوضوء واحد أو غسل واحد عن أسباب وموجبات متعددة ولكن يجوز له ان يأتي بفرد اخر من المسبب، لأن المفروض في هذه الصورة عدم تداخل الأسباب، وتأثير كل واحد منها في لزوم ايجاد المسبب.
غاية الأمر ان الشارع مثلا حكم بكفاية اتيان فرد واحد من طبيعة المسبب ولا يؤاخذ على ترك البقية، فهذا لطف وتسهيل من قبل الشارع على المكلف، واتيانه