كتاب المفقود مناسبته للآبق أن كلا منهما فقده أهله وهم في طلبه، وأخر عنه لقلة وجوده. قوله: (هو غائب الخ) أفاد أن قول الكنز هو غائب لم يدر موضعه معناه لم تدر حياته ولا موته. قال في البحر:
فالمدار إنما هو على الجهل بحياته وموته لا على الجهل بمكانه، فإنهم جعلوا منه كما في المحيط المسلم الذي أسره العدو ولا يدري أحي أم ميت مع أن مكانه معلوم وهو دار الحرب، فإنه أعم من أن يكون عرف أنه في بلدة معينة من دار الحرب أو لا اه. لكن في الملتقى وغيره: هو غائب لا يدري مكانه ولا حياته ولا موته، قيل فهذا صريح في اشتراط جهل المكان فيكون التعويل عليه.
قلت: الظاهر أن علم المكان يستلزم العلم بالموت والحياة غالبا وعدمه عدمه، فالعطف للتفسير، ولو علم مكانه من دار الحرب مع تحقق الجهل بحاله وعدم إمكان الاطلاع عليه لا شك في أنه مفقود، فافهم. قوله: (فيتوقع قدومه) أي يطلب أو ينتظر وقوعه، وقوله: قدومه بدل اشتمال من الضمير في يتوقع العائد إلى قوله: غائب لا نائب فاعل، لان حذفه لا يجوز. قوله:
(ومرتد لم يدر ألحق أم لا) أي فإنه يوقف ميراثه كما يوقف ميراث المسلم كافي الحاكم، لأنه إذا جهل لحاقه لا يمكن الحكم به، بخلاف ما إذا علم فإنه يحكم به ويكون موتا حكما فيقسم ميراثه على ما مر في بابه. قوله: (وهو في حق نفسه حي) مقابله قوله الآتي: وميت في حق غيره.
وحاصله أنه يعتبر حيا في حق الاحكام التي تضره وهي المتوقفة على ثبوت موته ويعتبر ميتا فيما ينفعه ويضر غيره، وهو ما يتوقف على حياته لان الأصل أنه حي وأنه إلى الآن كذلك استصحابا للحال السابق، والاستصحاب حجة ضعيفة تصلح للدفع لا للاثبات: أي تصلح لدفع ما ليس بثابت لا لاثباته. قوله: (نزعه) أي نزع مال المفقود، قوله: (لما سيجئ الخ) فيه أن ما هنا أودعه بنفسه وما يجئ في مال مورثه ط.
قلت: لكن يأتي قريبا أنه لو كان وكيل له حفظ ماله: أي لأنه لا ينعزل بفقد الموكل كما يأتي، لكن نقل ابن المؤيد عن جامع الفصولين: لو أخذ القاضي وديعة المفقود ممن هي بيده ووضعها عند ثقة لا بأس به اه. وهذا يخالف ما في المعروضات، إلا أن يقال: ما فيها هو في حق أمين بيت المال، فليس له ذلك وإن كان المفقود لا وارث له إلا بيت المال، لان الوارث حقيقة ليس له ذلك فأمين بين المال بالأولى وما نقلناه إنما هو في القاضي الذي له ولاية حفظ مال الغائب. والظاهر أنه محمول على ما إذا رأى المصلحة في ذلك، بأن كان من المال بيده غير ثقة إلا فهو عبث تأمل. قوله: (ولا تنفسخ إجارته) لأنها وإن كانت تفسخ بموت المؤجر أو المستأجر لكنه لم يثبت موته. قوله: (المقر بها) بالبناء للمجهول: أي التي أقر بها غرماؤه، قيد له لما في النهر: