رفع إلى ثالث أمضاه، وإذا أبطله الثاني فليس لأحد أن يجيزه، وهذا هو الصحيح. وبعضهم صحح الأول، وذلك كما لو قضى لولده على أجنبي أو لامرأته بشهادة رجلين، لان نفس القضاء مختلف في.
واختلفوا فيما لو قضى على الغائب: فقيل هو من هذا القسم فلا ينفذ إلا بتنفيذ قاض آخر، وهو ما نقله عن الزيلعي والكمال، بناء على أن الاختلاف في نفس القضاء على الغائب. وقيل هو من القسم الثاني فينفذ بلا توقف على تنفيذ قاض آخر، وهو ما نقله عن الخلاصة بناء على أن الاختلاف لا في نفس القضاء بل في سببه، وهو أن البينة هل تكون حجة من غير خصم حاضر أو لا؟. قوله: (يعني لو القاضي مجتهدا) ومثله ما لو كان مقلد المجتهد، وهذا ترجيح لما حققه في البحر من كتا أأدخل القضاء من أن الخلاف في نفاذ القضاء على الغائب، محله ما إذا كان مذهب القاضي صحة هذا القضاء، بخلاف القاضي الحنفي، وسيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك.
قوله: (ولا يبيع القاضي ما لا يخاف فساده) منقولا كان أو عقارا، لان القاضي لا ولاية له على الغائب إلا في الحفظ، وفي البيع ترك حفظ الصورة بلا ملجئ، وما يخاف عليه الفساد كالثمار ونحوها يبيعه، لأنه تعذر حفظ صورته ومعناه فينظر للغائب بحفظ معناه اه. من الهداية والفتح.
وفي جامع الفصولين وشرح الوهبانية: للقاضي بيع مال المفقود والأسير من المتاع والرقيق والعقار إذا خيف عليه الفساد، وليس له بيعها لنفقة عيالهما، وإن باعها لخوف الضياع فصارت دراهم أو دنانير يعطي النفقة منها بطريقة اه. وفيه شراه فغاب قبل قبضه غيبة منقطعة ولا يدري أين هو جاز للقاضي بيع المبيع وإبقاء الثمن للبائع لو كان المبيع منقولا لا لو عقارا. وعلى هذا لو رهن المديون وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الامر للقاضي ليبيع الرهن بدينه ينبغي أن يجوز كما في هذه المسألة اه.
قلت: ومسألة بيع المبيع ذكرها المصنف في متفرقات البيوع، وذكر في النهر هناك أنه لو غاب بعد قبض المبيع ليس للقاضي بيعه، ومسألة بيع الرهن ذكرها الشارح في كتاب الرهن، ومقتضى قياس هذه على المسألة الأولى تخصيص الرهن بكونه منقولا. تأمل. قوله: (مأمورون بالبيع) أي أمرهم السلطان بذلك.
أقول: كيف يتجه هذا الامر مع مخالفته لما ذكره المصنف تبعا لما في كتب المذهب كالهداية وغيرها وكافي الحاكم الشهيد بلا حكاية خلاف. إلا أن يقال: إنه إذن للقضاة بالحكم على مذهب الغير، لكن في حكم القاضي بخلاف مذهبه كلام مذكور في كتاب القضاء، على أن أمر قضاة زمانه لا يسري على غيرهم كما حرره. في الخيرية. قوله: (وينفق) أي الوكيل المنصوب. نهر: أي ينفق