وحاصل الصور أن المال، إما أن يكون في يد أجنبي أو في يد البنتين أو في يد أولاد الابن، وعلى كل إما أن ينفقوا على الفقد أو ينكره من في يده المال ويدعي أنه مات، وأحكام الكل مبينة في الفتح، فراجعه إن شئت. قول: (أي لا ينزعه من يد البنتين) بل يقضي لهما بالنصف ميراثا ويوقف النصف في أيديهما على حكم ملك الميت، فإن ظهر المفقود حيا دفع إليه، وإن ظهر ميتا أعطى البنتان سدس كل المال من ذلك النصف والثلث الباقي لأولاد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين.
فتح. قوله: (ولا يستحق الخ) أي لا يحكم باستحقاقه للوصية بعد موت الموصي ولا بعدمه، بل يوقف إلى ظهور الحال، فإن ظهر إلى آخر ما سيذكره المصنف. قوله: (إلى موت أقرانه) هذا ليس خاصا بالوصية، بل هو حكمه العام في جميع أحكامه من قسمة ميراثه وبينونة زوجته وغير ذلك.
قوله: (في بلده) هو الأصح. بحر. وقيل: المعتبر موت أقرانه من جميع البلاد، فإن الأعمار قد تختلف ف طولا وقصرا بحسب الأقطار بحسب إجرائه سبحانه العادة، ولذا قالوا: الصقالبة أطول أعمارا من الروم، لكن في تعرف موت أقرانه من البلاد حرج عظيم، بخلافه من بلده فإنما فيه نوع حرج محتمل. فتح. قوله: (على المذهب) وقيل يقدر بتسعين سنة بتقديم التاء من حين ولادته، واختاره في الكنز، وهو الأرفق. هداية. وعليه الفتوى. ذخيرة. وقيل بمائة، وقيل بمائة وعشرين، واختار المتأخرون ستين سنة، واختار ابن الهمام سبعين لقوله عليه الصلاة والسلام: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين فكانت المنتهى غالبا. وذكر في شرح الوهبانية أنه حكاه في الينابيع عن بعضهم. قال في البحر: والعجب كيف يختارون خلاف ظاهر المذهب مع أنه واجب الاتباع على مقلد أبي حنيفة. وأجاب في النهر بأن التفحص عن موت الاقران غير ممكن أو فيه حرج، فعن هذا اختاروا تقديره بالسن اه.
قلت: وقد يقال: لا مخالفة بل هو تفسير لظاهر الرواية وهو موت الاقران، لكن اختلفوا، فمنهم من اعتبر أطول ما يعيش إليه الاقران غالبا، ثم اختلفوا فيه هل هو تسعون أو مائة أو مائة وعشرون، ومنهم وهم المتأخرون اعتبروا الغالب من الأعمار، أي أكثر ما يعيش إليه الاقران غالبا لا أطوله فقدروه بستين، لان من يعيش فوقها نادر والحكم للغالب، وقدره ابن الهمام بسبعين للحديث لأنها نهاية هذا الغالب، ويشير إلى هذا الجواب قوله في الفتح بعد حكاية الأقوال:
والحاصل أن الاختلاف ما جاء إلا من اختلاف الرأي في أن الغالب هذا في الطول أو مطلقا اه. قوله: (واختار الزيلعي تفويضه للامام) قال في الفتح: فأي وقت رأى المصلحة حكم بموته. قال في النهر: وفي الينابيع: قيل يفوض إلى رأي القاضي، ولا تقدير فيه في ظاهر الرواية.
وفي القنية: جعل هذا رواية عن الامام اه.
قلت: والظاهر أن هذا غير خارج عن ظاهر الرواية أيضا، بل هو أقرب إليه من القول بالتقدير، لأنه فسره في شرح الوهبانية بأن ينظر ويجتهد ويفعل ما يغلب على ظنه فلا يقول بالتقدير، لأنه لم يرد الشرع بل ينظر في الاقران وفي الزمان والمكان ويجتهد، ثم نقل عن مغني الحنابلة حكايته عن الشافعي ومحمد، وأنه المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف. وقال الزيلعي: لأنه