قصد المنع غير موجود فيه، لان قصده إظهار الرغبة فيما جعل شرطا. درر. قوله: (فيخير ضرورة) جواب عن قول صدر الشريعة.
أقول: إن كان الشرط حراما كإن زنيت ينبغي أن لا يتخير، لان التخيير تخفيف والحرام لا يوجب التخفيف. قال في الدرر: أقول ليس الموجب للتخفيف هو الحرام بل وجود دليل التخفيف، لان اللفظ لما كان نذرا من وجه يمينا من وجه لزم أن يعمل بمقتضى الوجهين، ولم يجز إهدار أحدهما، فلزم التخيير الموجب للتخفيف بالضرورة، فتدبر اه. قوله: (فلا يجبره القاضي) لان العبد لم يثبت له حق العتق عليه، لان ذلك بمنزلة ما لو حلف بالله تعالى ليعتقنه ليس له إجباره على أن يبر يمينه، لان ذلك مجرد حق الله تعالى. قوله: (نذر أن يذبح ولده الخ) المسألة منصوصة في كافي الحاكم الشهيد وغيره، وفي شرح المجمع وشرح درر البحار أنه يجب به ذبح كبش في الحرم أو في أيام النحر في غير الحرم، وأنه يشترط لصحة النذر به في عامة الروايات أن يقول في النذر عند مقام إبراهيم أو بمكة. وفي رواية عنه: لا يشترط، وفي الاختيار: ولو نذر ذبح ولده أو نحره لزمه ذبح شاة عند أبي حنيفة ومحمد، وكذا النذر بذبح نفسه أو عبده عند محمد، وفي الوالد الوالدة عن أبي حنيفة روايتان والأصح عدم الصحة، وقال أبو يوسف وزفر: لا يصح شئ من ذلك لأنه معصية فلا يصح، ولهما في الولد مذهب جماعة من الصحابة كعلي وابن عباس وغيرهما، ومثله لا يعرف قياسا فيكون سماعا، ولان إيجاب ذبح الولد عبارة عن إيجاب ذبح الشاة، حتى لو نذر ذبحه بمكة يجب عليه ذبح الشاة بالحرم.
بيانه قصة الذبيح، فإن الله تعالى أوجب على الخليل ذبح ولده وأمره بذبح الشاة حيث قال:
* (قد صدقت الرؤيا) * فيكون كذلك في شريعتنا، أما لقوله تعالى: * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) * أو لان شريعة من قبلنا تلزمنا حتى يثبت النسخ، وله نظائر منها أن إيجاب المشي إلى بيت الله تعالى عبارة عن حج أو عمرة، وإيجاب الهدي عبارة عن إيجاب شاة، ومثله كبير، وإذا كان نذر ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة لا يكون معصية بل قربة حتى قال الأسبيجابي وغيره من المشايخ: إن أراد عين الذبح وعرف أنه معصية لا يصح، ونظيره الصوم في حق الشيخ الفاني معصية لافضائه إلى إهلاكه، ويصح نذره بالصوم وعليه الفدية، وجعل ذلك التزاما للفدية، كذا هذا.
ولمحمد في النفس والعبد أن ولايته عليهما فوق ولايته على ولده، ولأبي حنيفة أن وجوب الشاة على خلاف القياس عرفناه استدلالا بقصة الخليل، وإنما وردت في الولد فيقتصر عليه، ولو نذر بلفظ القتل لا يلزمه شئ بالاجماع، لان النص ورد بلفظ الذبح النحر مثله، ولا كذلك القتل، ولان الذبح والنحر وردا في القرآن على وجه القربة والتعبد، والقتل لم يرد إلا على وجه العقوبة والانتقام والنهي ولأنه لو نذر ذبح الشاة بلفظ القتل لم يصح، فهذا أولى اه. قوله: (لغا إجماعا) أي بناء