ومثله في البحر. أما ظاهر الرواية فلا بد أن يكون في صحراء دارنا على مسافة السفر فصاعدا دون القرى والأمصار ولا ما بينهما، كما في القهستاني.
وفي كافي الحاكم: وإن قطعوا الطريق في دار الحرب على تجار مستأمنين أو في دار الاسلام في موضع غلب عسكر الخوارج ثم أتى بهم الامام لم يمض الحدود عليهم. قوله: (وهو معصوم) أي بالعصمة المؤبدة وهو المسلم أو الذمي. قهستاني. والعصمة: الحفظ، والمراد عصمة دمه وماله بالاسلام أو عقد الذمة. وفي حاشية السيد أبو السعود: مفاده لو قطع الطريق مستأمن لا يحد، وبه صرح في شرح النقاية معللا بأنه لا يخاطب بالشرائع. وحكى في المحيط اختلاف المشايخ فيه.
قوله: (فلو على المستأمنين فلا حد) لكن يلزمه التعزير والحبس باعتبار إخافة الطريق وإخفاؤه ذمة المسلمين. فتح. قال في الشرنبلالية: ويضمن المال لثبوت عصمة مال المستأمن حالا وإن لم يكن على التأييد، ومحل عدل الحد بالقطع على المستأمن فيما إذا كان منفردا، أما إذا كان مع القافلة فإنه يحد ولا يصير شبهة، بخلاف اختلاط ذي الرحم بالقافلة، كما في الفتح اه.
قلت: لكن لو لم يقع القتل والاخذ إلا في المستأمن فلا حد، كما في الفتح أيضا.
تنبيه: قد علم من شروط قطع الطريق كونه ممن له قوة ومنعة، وكونه في دار العدل، ولو في المصر ولو نهارا إن كان بسلاح، وكون كل من القاطع والمقطوع عليه معصوما، ومنها كما يعلم مما يأتي كون القطاع كلهم أجانب لأصحاب الأموال، وكونهم عقلاء بالغين ناطقين، وأن يصيب كلا منهم نصاب تام من المال المأخوذ، وأن يؤخذوا قبل التوبة.
ثم اعلم أن القطع يثبت بالاقرار مرة واحدة. وعند أبي يوسف بمرتين، ويسقط الحد برجوعه لكن يؤخذ بالمال إن أقر به يثبت بشهادة اثنين بمعاينته أو بالاقرار به، فلو لأحدهما بالمعاينة والآخر بالاقرار لا تقبل، ولو قالا: قطعوا علينا وعلى أصحابنا، لا تقبل لأنهما شهدا لأنفسهما، ولو شهدا أنهم قطعوا على رجل من عرض الناس وله ولي يعر ف أو لا يعرف إلا بمحضر من الخصم، وتمامه في الفتح آخر الباب. قوله: (حبس) وما في الخانية من أنه يعزر ويخلى سبيله، خلاف المشهور، فتح، وأفاد أيضا أن الحبس في بلده لا في غيرها خلافا لمالك. قوله: (وهو المراد بالنفي في الآية) لأن النفي من جميع الأرض محال وإلى بلد أخرى فيه إيذاء أهلها فلم يبق إلا الحبس، والمحبوس يسمى منفيا من الأرض، لأنه لا ينتفع بطيبات الدنيا ولذاتها، ولا يجتمع بأقاربه وأحبابه. قال في الفتح: قال صالح بن عبد القدوس فيما ذكره الشريف في الغرر:
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها * فلسنا من الاحياء (1) فيها ولا الموتى إذا جاء السجان يوما لحاجة * عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا قوله: (وظاهر أن المراد الخ) أي وليس المراد ما قاله بعض السلف أن الامام مخير في هذه