بين هذه المسألة ومسألة ما لو ألقاه في الطريق ثم أخذه حيث لم يعتبر الكل فعلا واحدا كما اعتبر هناك، مع أنه في المسألتين لم يوجد اعتراض يد معتبرة على المال قبل خروج السارق، ولعل الفرق أنه هناك تحقق إخراج المال خفية قبل خروجه، أما هنا فلا، ثم لما خرج وأخذه من النقب لم يأخذه من حرز فصار كما إذا أدخل يده في بيت وأخذ. تأمل. قوله: (أو طر صرة خارجة) الصرة: هي الخرقة التي يشد فيها الدراهم، يقال صررت الدراهم أصرها صرا: شددتها، والمراد لكم المشدودة التي فيها الدراهم نهر. فقوله من نفس الكم بيان لقوله: صرة ولذا زاد لفظ نفس لئلا يتوهم أنها من غيره.
وحاصل صور المسألة أربعة. قال في غرر الاحكام: اعلم أن الصرة إن جعلت نفس الكم، فأما إن جعل الدراهم داخل الكم والرباط من خارج أو بالعكس، وعلى التقديرين، فإما إن طر أو حال الرباط، فإن طر والرباط من خارج فلا قطع، وإن طر والرباط من الداخل بأن أدخل يده في الكم فقطع موضع الدراهم فأخذها من الكم قطع للاخذ من الحرز، وإن حل الرباط وهو خارج قطع، لأنه حينئذ لا بد أن يدخل يده في الكم فيأخذ الدراهم، وإن حل الرباط وهو داخل لا يقطع لأنه لما حل الرباط في الكم بقي الدراهم خارج الكم وأخذها من خارج، وعند أبي يوسف والأئمة الثلاثة: يقطع في الوجوه كلها لان الكم حرز اه. وتمام تحقيقه في الفتح. قوله: (بفتح القاف) صوابه بكسرها كما في شرحه على الملتقى والمنح وغيرها والطلبة والقاموس. ط. قوله: (أو حملا عليه) أي على البعير، فلو على الأرض فهي مسألة الجوالق الآتية. قوله: (لان السائق الخ) تعليل على النشر المشوش، فقوله: لان السائق والقائد راجع لقوله: أو من قطار وقوله: والراعي راجع لقوله: من مرعى ط. قوله: (لم يقصدوا للحفظ) بل يقصد الراعي لمجرد الرعي والسائق والقائد وكذا الراكب: يقصدون قطع المسافة ونقل الأمتعة.
وعند الأئمة الثلاثة كل من الراكب والسائق حافظ حرز، فيقطع في أخذ الحمل. والحمل والجوالق والشق ثم الاخذ، وأما القائد فحافظ للجمل الذي زمامه بيده فقط عندنا. وعندهم إذا كان بحيث يراها إذ التفت إليها حافظ للكل محرزة عندهم بقوده. فتح. وبه علم أن القائد ليس على إطلاقه عندنا لأنه حافظ ما زمامه بيده، ولم أر التصريح به في غير هذه العبارة. تأمل. قوله: (وإن كان معها حافظ) أي مع ما ذكر من بعير المرعى والقطار والحمل، وإطلاق محمد عدم القطع في مواشي المرعى محمول على عدم الحافظ، ولو كان الحافظ هو الراعي اختلف المشايخ. ففي البقالي: لا يقطع، وهو الذي في المنتقى عن أبي حنيفة، وأطلق خواهر زاده ثبوت القطع مع الحافظ. ويمكن التوفيق بأن الراعي لم يقصد لحفظها من السراق، بخلاف غيره. فتح. وفي المجتبى: وكثير من المشايخ أفتوا بما قاله البقالي. نهر. قوله: (وإن شق الحمل) أي جوالقا على الأرض أو على ظهر جمل. قهستاني. وإنما قطع لان صاحب المال اعتمد الجوالق فكان هاتكا للحرز، بخلاف ما إذا أخذ الجوالق بما فيه، وكذا لو سرق من الفسطاط فإنه يقطع، ولو سرق نفس