قلت: ولذا لو جلس على المصلى طائر عليه نجاسة لا تفسد صلاته، ومثله صبي يستمسك بنفسه، بخلاف من يستمسك لان المصلى يصير حاملا للصبي والنجاسة. قوله: (لكونه إقرارا بالسرقة الخ) المسألة منقولة في الفتح وغيره معللة بأن الإضافة على الحال والنصب على الاستقبال، وما هنا علل به في شرح الوهبانية عن التجنيس.
قلت: وتحقيق المقام: أن اسم الفاعل لا ينصب المفعول إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، فلو بمعنى الماضي مثل أنا ضارب زيد أمس وجبت إضافته وتسمى إضافة محضة والعامل تجوز إضافته، وتسمى غير محضة لأنها على نية العمل والقطع عن الإضافة كما قرر في محله. وبه ظهر أن اسم الفاعل حل الإضافة يحتمل أن يكون بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال: لا، لكن لما كان الأصل فيما كان بمعنى الحال أو الاستقبال هو العمل، فالأصل في المضاف أن يكون بمعنى الماضي، فيكون إقرارا بأنه سرق الثوب في الماضي، ويلزم منه أن يكون متصفا بسرقته أيضا في الحال فيقطع. أما إذا نصب الثوب لزم أن يكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال، فإن حمل على الحال لزم القطع، وأن حمل على الاستقبال لم يلزم، فلا يقطع بالشك وتعين حمله على الاستقبال، فيكون عدة بأنه سوف يسرق هذا الثوب لا إقرارا بأنه هو سارقه في الحال: أي هذه السرقة المدعى بها، فافهم. ووقع في شرح الوهبانية هنا كلام غير محرر، فتدبر. قوله: (قلت في شرح الوهبانية الخ) وعبارته قلت: والقطع المذكور بإصراره وعدم رجوعه، أما لو رجع قبل رجوعه كما تقدم، وينبغي أن لا يجري في هذا الاطلاق، لان العوام لا يفرقون بين العالم والجاهل، اللهم إلا أن يقال:
يجعل هذا شبهة في درء الحد، وفيه بعد، والله أعلم اه.
أقول: معناه أنه ينبغي أن يكون التفصيل السابق في حق العالم، أما الجاهل فلا يفرق بين كونه بمعنى الماضي أو الحال، وإنما يقصد الاقرار فيقطع مطلقا، إلا أن يجعل الاعراب شبهة دارئة في حقه فلا يقطع إذا نون، وفيه بعد، لان التنوين دليل عدم إرادة الاقرار، هذا ما ظهر لي، فتأمل. قوله: (وهذا إن عاد) ظاهره ولو في المرة الثانية، لكن قيد بعضهم بما إذا سرق بعد القطع مرتين.
وفي حاشية السيد أبي السعود: رأيت بخط الحموي عن السراجية ما نصه: إذا سرق ثالثا ورابعا للامام أن يقتله سياسة لسعيه في الأرض بالفساد اه. قال الحموي: فما يقع من حكام زماننا من قتله أول مرة زاعمين أن ذلك سياسة جور وظلم وجهل، والسياسة الشرعية عبارة عن شرع