بقي لو كان أحدهما متهتكا دون الآخر، وظاهر التعليل المذكور أن الشهادة ملخصا أولى، لان درء المفاسد مقدم. تأمل. قوله: (ويثبت أيضا بإقراره) عطف على قوله: ويثبت بشهادة أربعة وقدم الأول لأنه المذكور في القرآن، ولان الثابت بها أقوى حتى لا يندفع الحد بالفرار ولا بالتقادم، ولأنها حجة متعدية الاقرار قاصرة. كذا في الفتح والبحر، لكن قوله: ولا بالتقادم، مخالف لما قدمناه، ولما سيأتي في باب الشهادة على الزنا.
ثم رأيت الرملي نبه على ذلك في حاشية المنح فقال: المقرر أن التقادم يمنعها دون الفرار، وكما يمنع التقادم قبولها في الابتداء فكذا يمنع الإقامة بعد القضاء. قوله: (صريحا) أخرج به إقرار الأخرس بكتابة أو إشارة فلا يحد للشبهة بعدم الصراحة بخلاف الأعمى فإنه يصح إقراره والشهادة عليه. بحر. وقد مر. قوله: (صاحيا) احتراز عن السكر كما يأتي. قوله: (ولم يكذبه الآخر) فلو أقر بالزنا بفلانة فكذبته درئ الحد عنه سواء قالت تزوجني أو لا أعرفه أصلا، وعليه المهر إن ادعته المرأة، وإن أقرت الزنا بفلان فكذبها فلا حد عليها أيضا عنده، خلافا لهما في المسألتين. بحر.
قوله: (أو رتقها) بأن تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد، لان إخبارهن بالرتق يوجب شبهة في شهادة الشهود. بحر. قوله: (لجواز إبداء ما يسقط الحد) أي من الخرساء أو الأخرس على تقدير عدم الخرس واستشكل ما لو أقر أنه زنى بغائبة فإنه يحد قبل حضورها مع احتمال أن الخرس تذكر مسقطا عنه وعنها إذا حضرت فيحتاج إلى الفرق.
قلت: يؤخذ جوابه مما في الجوهرة من أن القياس عدم الحد في الثانية لجواز أن تحضر فتجحد فتدعي حد القذف أو تدعي نكاحها فتطلب المهر، وفي حده إبطال حقها، والاستحسان أن يحد لحديث ماعز، فإنه حد مع غيبة المرأة اه.
والحاصل أن القياس عدم الفرق بين المسألتين، ولكنه حد في الثانية على خلاف القياس للحديث، وهذا أولى مما أجاب به بعضهم من أن الزيلعي علل الثانية بأن حضور الغائبة ودعواها النكاح شبهة، واحتمال ذلك يكون شبهة الشبهة، والمعتبر هو الشبهة دون شبهة الشبهة، لما أورد عليه من أنه في المسألة الأولى كذلك.
قلت: وقد يفرق بينهما بأن نفس الخرس شبهة محققة مانعة، بخلاف الغيبة، ولذا لو أقر بالزنا بمن لا يعرفها فإنه يحد. قال في الفتح: لأنه أقر بالزنا ولم يذكر مسقطا، لان الانسان لا يجهل زوجته وأمته اه. فعلم أن الغائبة إنما حد فيها لأنه لم يبد مسقطا، بخلاف الخرساء فإن الخرس نفسه مسقط للعلة المذكورة. قوله: (في حال سكره) متعلق بأقر. قوله: (ولو سرق أو زنى) أي في حال سكره وثبت ذلك بالبينة. قوله: (لان الانشاء) أي إنشاء الزنا أو السرقة المعاين للشهود في حال سكره لا يحتمل التكذيب فيحد، بخلاف إقراره بذلك في حال سكره. قوله: (أربعا في مجالسه) ولو