لا يحنث إلا بالمباشرة لعدم ولايته عليهما، فهو كالأجنبي عنهما فيتعلق بحقيقة الفعل ا ه. ومثله في الزيلعي والبحر في آخر الباب الآتي بلا حكاية خلاف، فقول القهستاني: وعن محمد لا يحنث في الكل رواية ضعيفة. قوله: (كتعليق) يصلح مثالا للقبل والبعد، وعبارة الزيلعي: وإنما يحنث بالطلاق والعتاق إذا وقعا بكلام وجد بعد اليمين، وأما إذا وقعا بكلام وجد قبل اليمين، فلا يحنث حتى لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم حلف أن لا يطلق فدخلت لم يحنث، لان وقوع الطلاق عليها بأمر كان قبل اليمين، ولو حلف أن لا يطلق ثم علق الطلاق بالشرط ثم وجد الشرط حنث، ولو وقع الطلاق عليها بمضي مدة الايلاء، فإن كان الايلاء قبل اليمين لا يحنث، وإلا حنث، وتمامه فيه. قوله: (والخلع) هو الطلاق وقد مر. نهر قوله: (والكتابة) هو الصحيح، وفي المجتبى عن النظم أنها كالبيع. نهر. قوله: (والصلح عن دم العمد) لأنه كالنكاح في كونه مبادلة مال بغيره، وفي حكمه الصلح عن إنكار. قهستاني. وفي حاشية أبي السعود: واحترز عن الصلح عن دم غير عمد، لأنه صلح عن مال فلا يحنث فيه بفعل الوكيل، أما عن دم العمد فهو في المعنى عفو عن القصاص بالمال، ولا تجري النيابة في العفو، بخلاف الصلح عن المال. حموي عن البرجندي. قوله: (أو إنكار) لان الصلح عنه فداء باليمين في حق المدعى عليه فوكيله سفير محض ومثله السكوت، وأما المدعي لا يحنث بالتوكيل مطلقا كما مر، وشمل الانكار إنكار المال وإنكار الدم العمد وغيره.
قوله: (والهبة) فلو حلف لا يهب مطلقا أو معينا أو شخصا بعينه فوكل من وهب حنث صحيحة كانت الهبة أو لا، قبل الموهوب له أو لا، قبض أو لم يقبض، لأنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه، ولا يملك أكثر من ذلك. وفي المحيط: حلف لا يهب عبده هذا لفلان ثم وهبه له على عوض حنث لأنه هبة صيغة ولفظا ا ه نهر. وفي التاترخانية: إن وهب لي فلان عبده فامرأته طالق فوهب ولم يقبل الحالف حنث الحالف. قوله: (أو بعوض) يعني إذا وهب بنفسه لا بوكيله أيضا لما قدمه من أنه لا يحنث بفعل وكيله في الهبة بشرط العوض، وسبب وهم الشارح قوله البحر: فالهبة بشرط العوض داخلة تحت يمين لا يهب نظرا إلى أنها هبة ابتداء فيحنث، وداخلة تحت يمين لا يبيع نظرا إلى أنها بيع انتهاء فيحنث اه. وأنت خبير بأن كلامه فيما إذا فعل بنفسه وإلا لما صح قوله يحنث في الموضعين. أفاده ح: أي لأنه في البيع لا يحنث بفعل وكيله. قوله: (والصدقة) هي كالهبة فيما مر.
قال ابن وهبان: وكذا ينبغي أن يحنث في حلفه أن لا يقبل صدقة فوكل بقبضها. بقي لو حلف لا يتصدق فوهب لفقير أو لا يهب فتصدق على غني قال ابن وهبان: ينبغي الحنث في الأول، لان العبرة للمعاني لا في الثاني، لأنه لا يثبت له الرجوع استحسانا، إذ قد يقصد بالصدقة على الغني الثواب، ويحتمل العكس فيهما اعتبارا باللفظ ا ه ملخصا. وأيد ابن الشحنة الاحتمال الأخير بما في التاترخانية عن الظهيرية، ولا يحنث بالصدقة في يمين الهبة ا ه.
قلت: لكن هذا ليس نصا فيما نحن فيه لاحتمال أن المراد الهبة لغني. تأمل هذا، ونقل في النهر كلام ابن وهبان باختصار مخل. قوله: (والاستقراض) أي إن أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة، وإلا فلا حنث كما مر. قوله: (وإن لم يقبل) راجع للهبة وما بعدها كما في النهر ح، وكذا العطية والعارية. نهر.