تأمل قوله: (والحنث) بالنصب مفعول مقدم لقوله: أثبت بوصل الهمزة للضرورة. قوله: (أراد بدخولها عليه قربها منه) أي بأن تقع متوسطة بين الفعل ومفعوله كإن بعت لك ثوبا احترازا عما لو تأخرت عن المفعول كإن بعت ثوبا لك، فالمتوسطة، متعلقة بالفعل لقربها منه لا على أنها صلة له لأنه يتعدى إلى مفعولين بنفسه مثل بعث زيدا ثوبا، ولأنه لو كانت اللام صلة له كان مدخولها مفعولا في المعنى فيكون شاريا، وليس المعنى عليه، بل الشاري غيره والبيع وقع لأجله فهي متعلقة به على أنها علة له مثل: قمت لزيد، وعلى هذا فلو عبر المصنف بقوله: ولام تعلق بفعل كما عبر صاحب الدرر وغيره لكان أولى، لكنه عدل عن ذلك تبعا للكنز وغيره لئلا يتوهم تعلقها به على أنها صلة له، ولئلا يتوهم أن الواقعة بعد المفعول متعلقة به أيضا، مع أن المراد بيان الفرق بينهما بأن الأولى للتعليل والثاني للملك لكونها صفة له: أي إن بعت ثوبا مملوكا لك، هذا ما ظهر لي، فافهم. قوله:
(تجري فيه النيابة) الجملة صفة فعل وقوله: للغير اللام فيه بمعنى عن: أو عن الغير كما في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه) * (الأحقاف: 11) واحترز به عن فعل لا تجري فيه النيابة كالأكل والشرب، فإنه لا فرق فيه بين دخول الباء على الفعل أو على العين كما يأتي. قوله: (وصياغة) بالياء المثناة التحتية أو بالباء الموحدة كما في القهستاني. قوله: (أمره) بالنصب مفعول اقتضى وهو مصدر مضاف لفاعله، وهو الضمير العائد إلى الغير وهو المخاطب بالكاف والمفعول محذوف وهو الحالف. وقوله: ليخصه به أي ليخص الحالف الغير: أي المخاطب به: أي بالفعل المحلوف عليه، وفي المنح: أي لتفيد اللام اختصاص ذلك الفعل به: أي بذلك الغير ا ه فأرجع الضمير المستتر للام، والبارز للفعل، والمجرور للغير، وعليه فالمراد بالمحلوف عليه في كلام الشارح هو المخاطب، وهو المرافق لقول الزيلعي لاختصاص الفعل بالشخص المحلوف عليه. قوله: (إذا اللام للاختصاص) وجه إفادتها الاختصاص هو أنها تضيف متعلقها وهو الفعل لمدخولها وهو كاف المخاطب فتفيد أن المخاطب مختص بالفعل، وكونه مختصا به يفيد أن لا يستفاد إطلاق فعله إلا من جهته وذلك يكون بأمره، وإذا باع بأمره كان بيعه إياه من أجله، وهي لام التعليل، فصار المحلوف عليه أن لا يبيعه من أجله، فإذا دس المخاطب ثوبه بلا علمه فباعه لم يكن باعه من أجله، لان ذلك لا يتصور إلا بالعلم بأمره به، ويلزم من هذا أن لا يكون إلا في الافعال التي تجري فيها النيابة، كذا في الفتح. قوله: (ولا يتحقق إلا بأمره) قيده في البحر بأن يكون أمره بأن يفعله لنفسه لقول الظهيرية: لو أمره أن يشتري لابنه الصغير ثوبا لا يحنث.
وفي النهر أن مقتضى التوجيه: يعني بكونها للاختصاص حنثه إذا كان الشراء لأجله، ألا ترى أن أمره ببيع مح ال غيره موجب لحنثه غير مقيد بكونه له ا ه.
تنبيه: ذكر في الخانية ما يفيد أن الامر غير شرط، بل يكفي في حنثه قصده البيع لأجله، سواء كان بأمره أو لا. قال في البحر: وهذا مما يجب حفظه، فإن ظاهر كلامهم هنا يخالفه مع أنه هو الحكم ا ه.