إن ما ذكره غير خاص بالاستعارة، بل الوكيل في النكاح وما بعده سفير محض، فلا بد من إضافة هذه العقود المذكورة إلى الموكل لما سيأتي في كتاب الوكالة أن العقود التي لا بد من إضافتها إلى الموكل: النكاح، والخلع، والصلح عن دم عمد وإنكار، والعتق على مال، والكتابة، والهبة، والتصدق، والإعارة، والايداع، والرهن، والاقراض، والشركة، والمضاربة ا ه.
قلت: المراد من الإضافة في هذه المذكورات التصريح باسر الآمر، لكن بعضها يصح مع إسناد الفعل إلى الوكيل كقوله صالحتك عن دعواك على فلان أو عما لك عليه من الدم، وزوجتك فلانة، وأعتقت عبد فلان أو كاتبته، وبعضها لا يصح فيها إسناد الفعل إلى الوكيل، بل لا بد من إخراج الكلام مخرج الرسالة كقوله إن فلانا يطلب منك أن تهبه كذا أو تتصدق عليه أو تودع عنده، أو تعيره أو تقرضه أو ترهن عنده، أو تشاركه أو تضاربه بمال كذا. أما لو أسنده إلى نفسه كقوله هبني أو تصدق علي الخ فإنه يقع للوكيل، وكذا قوله زوجني، بخلاف القسم الأول فإنه يقول: بعت واشتريت وأجرت بإسناد الفعل إلى نفسه بدون ذكر اسم الآمر أصلا، هذا ما ظهر لي وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك في محله، فافهم. قوله: (وقضاء الدين وقبضه) فلو حلف لا يقبض الدين من غريمه اليوم يحنث بقبض وكيله، فلو كان وكل قبل فقبض الوكيل بعد اليمين لا يحنث. قال قاضيخان: وينبغي الحنث كما في النكاح نهر. قوله: (والكسوة) فلو حلف لا يلبس أو لا يكسو مطلقا أو كسوة بعينها أو معينا حنث بفعل وكيله، وتمامه في النهر. قوله: (وليس منها التكفين) وكذا الإعارة، فلو كفنته بعد موته أو أعاره ثوبا لا يحنث. شرح الوهبانية عن السراجية قوله: (والحمل) فلو حلف لا يحمل لزيد متاعا حنث بفعل وكيله، وهذا في غير الإجارة لما مر.
قال: أي الناظم: والظاهر أنه لا فرق بينه وبين الاستخدام، فإن المنفعة دائرة عليه والمدار عليها.
شرح الوهبانية قوله: (وذكر منها في البحر نيفا وأربعين) صوابه في النهر فإنه قال تكميل من هذا النوع الهدم والقطع والقتل والشركة كما في الوهبانية، وضرب الزوجات والولد الصغير في رأي قاضيخان، وتسليم الشفعة والاذن كما في الخانية والنفقة كما في الأسبيجابي، والوقف والأضحية والحبس والتعزير بالنسبة للقاضي والسلطان وينبغي أن الحج كذلك، كذا في شرح ابن الشحنة، ومنه الوصية كما في الفتح، وينبغي أن يكون منه الحوالة والكفالة فلا يحيل فلانا فوكل من يحيله أو لا يقبل حوالته أو لا يكفل عنه فوكل بقبول ذلك والقضاء والشهادة والاقرار وعد منه في البحر التولية، فلو حلف لا يولي شخصا ففوض إلى من يفعل ذلك حنث، وهي حادثة الفتوى ا ه.
قلت: وبهذا تمت المسائل أربعة وأربعين، والظاهر أنها لا تنحصر، لان منها الافعال الحسية وهي لا تختص بما مر، بل منها الطبخ والكنس وحلق الرأس ونحو ذلك، وإذا عد منها الاستخدام دخلت فيه هذه الصور وكثير من الصور المارة أيضا، فافهم. قوله: (مشيرا إلى حنثه فيما بقي) الإشارة من حيث إن لم يصرح بعدد ما بقي، وإلا فالحنث صريح في كلامه. وقد يقال: سماه إشارة لأنه ساق الكلام لما لا يحنث به فيكون عبارة وغيره إشارة كما في عبارة النص وإشارة النص.