إلخ) أي خص قول الطحاوي بالوجوب بما عدا الذاكر، دفعا لما أورده بعضهم على الطحاوي من استلزام التسلسل، لان الصلاة عليه لا تخلو عن ذكره.
وحاصل الجواب تخصيص الوجوب على السامع فقط، لان أحاديث الوعيد المارة تفيد ذلك، فإن لفظ البخيل من ذكرت عنده لا يشمل الذاكر، لان من الموصولة بمعنى الشخص الذي وقع الذكر في حضرته فيستدعي أن يكون الذاكر غيره، وإلا لقيل من ذكرني، وأجاب ح بأن الذاكر داخل بدلالة المساواة، وقد يدفع بأن المقصود من الصلاة عليه (ص) تعظيمه، والذاكر له لا يذكره إلا في مقام التعظيم، فلا تلزمه الصلاة، بل تلزم السامع لئلا يخل بالتعظيم من كل وجه. تأمل. لكن هذا يشمل الذاكر ابتداء أو في ضمن الصلاة عليه (ص)، وبه صرح في غرر الأفكار شرح درر البحار، فهو قول آخر مخالف لما مشى عليه الشارح أولا من الوجوب على الذاكر والسامع، وبه صرح ابن الساعاتي في شرحه على مجمعه، ولما مشى عليه ابن ملك في شرح المجمع، وتبعه المصنف في شرحه على زاد الفقير من تخصيصه الوجوب على الذاكر بالذاكر ابتداء لا في ضمن الصلاة عليه (ص).
ويظهر لي أن هذا أقرب، ولا حاجة في دفع التسلسل إلى تعميم الذاكر، ثم هذا كله مبني على تكرار الوجوب في المجلس الواحد، وقدمنا ترجيح التداخل والاكتفاء بمرة. وعليه فإيراد التسلسل من أصله مدفوع. قوله: (وإزعاج الأعضاء) قال في الهندية: رفع الصوت عند سماع القرآن والوعظ مكروه، وما يفعله الذين يدعون الوجد والمحبة لا أصل له، ويمنع الصوفية من رفع الصوت وتخريق الثياب، كذا في السراجية ا ه. قوله: (وحرر أنها قد ترد) أي لا تقبل. والقبول ترتب الغرض المطلوب من الشئ على الشئ كترتيب الثواب على الطاعة، ولا يلزم من استيفاء الطاعة شروطها وأركانها القبول كما صرح به في الولوالجية، قال: لان القبول له شرط صعب، قال الله تعالى:
* (إنما يتقبل الله من المتقين) * (المائدة: 72) أي فيتوقف على صدق العزيمة، وبعد ذلك يتفضل المولى تعالى بالثواب على من يشاء بمحض فضله لا بإيجاب عليه تعالى، لان العبد إنما يعمل لنفسه والله غني عن العالمين، نعم حيث وعد سبحانه وتعالى بالثواب على الطاعة ونحو الألم، حتى الشوكة يشاكها بمحض فضله تعالى لا بد من وجوده لوعده الصادق. قال تعالى: * (أني لا أضيع عمل عامل منكم) * (آل عمران: 591) وعلى هذا فعدم القبول لبعض الأعمال إنما هو لعدم استيفاء شروط القبول: كعدم الخشوع في نحو الصلاة، أو عدم حفظ الجوارح في الصوم، أو عدم طيب المال في الزكاة والحج، أو عدم الاسخلاص مطلقا، ونحو ذلك من العوارض. وعلى هذا فمعنى أن الصلاة على النبي (ص) قد ترد عدم إثابة العبد عليها لعارض كاستعمالها على محرم كما مر، أو لاتيانه بها من قلب غافل أو لرياء وسمعة، كما أن كلمة التوحيد التي هي أفضل منها لو أتى بها نفاقا أو رياء لا تقبل. وأما إذا خلت من هذه العوارض ونحوها فالظاهر القبول حتما إنجازا للوعد الصادق كغيرها من الطاعات، وكل ذلك بفضل الله تعالى، لكن وقع في كلام كثيرين ما يقتضي القبول مطلقا، ففي شرح المجمع لمصنفه أن تقديم الصلاة عليه (ص) على الدعاء أقرب إلى الإجابة لما بعدها من