الباب عن (معين الحكام) ما نصه: المؤذن يكفي إخباره بدخول الوقت إذا كان بالغا عاقلا عالما بالأوقات مسلما ذكرا ويعتمد على قوله ا ه. والظاهر أن قوله ذكرا غير قيد لقبول خير المرأة.
فحينئذ يقال: إذا اتصف المؤذن بهذه الصفات يصح أذانه، وإلا فلا يصح من حيث الاعتماد عليه في دخول الوقت، وقدمنا أيضا قبل هذا الباب أنه في الفاسق والمستور يحكم رأيه في صدقه وكذبه ويعمل به، بخلاف الكافر والصبي والمعتوه فإنه لا يقبل أصلا. وأما من حيث إقامة الشعار النافية للإثم عن أهل البلدة فيصح أذان الكل سوى الصبي الذي لا يعقل، لان من سمعه لا يعلم أنه مؤذن بل يظن يلعب، بخلاف الصبي العاقل لأنه قريب من الرجال، ولذا عبر عنه الشارح بالمراهق، وكذا المرأة فإن بعض الرجال قد يشبه صوته صوت المراهق والمرأة، فإذا أذن المراهق أو المرأة وسمعه السامع يعتد به. وكذا المجنون أو المعتوه أو السكران فإنه رجل من الرجال، فإذا أذن على الكيفية المشروعة قامت به الشعيرة، لأنه إذا سمعه غير العالم بحاله يعده مؤذنا، وكذا الكافر فباعتبار هذه الحيثية صارت الشروط المذكورة كلها شروط كمال، لان المؤذن الكامل هو الذي تقام بأذانه الشعيرة ويحصل به الاعلام، فيعاد أذان الكل ندبا على الأصح كما قدمناه عن القهستاني. ثم الظاهر أن الإعادة إنما هي في المؤذن الراتب، أما لو حضر جماعة عالمون بدخول الوقت وأذن لهم فاسق أو صبي يعقل لا يكره ولا يعاد أصلا لحصول المقصود. تأمل.
تنبيه: يؤخذ مما قدمناه من أنه لا يحصل الاعلام من غير العدل ولا يقبل قوله. أنه لا يجوز الاعتماد على المبلغ الفاسق خلف الامام كما نبه عليه بعض الشافعية، فتنبه لهذه الدقيقة، والله أعلم. قوله: (لمسافر) أي سفرا لغويا أو شرعيا كما في أبي السعود ط. قوله: (ولو منفردا) لأنه إن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه، رواه عبد الرزاق. وبهذا ونحوه عرف أن المقصود من الاذان لم ينحصر في الاعلام، بل كل منه ومن الاعلان بهذا الذكر نشرا لذكر الله ودينه في أرضه، وتذكيرا لعباده من الجن والإنس الذين لا يرى شخصهم في الفلوات. فتح. وفي تعبير الشارح بالمنفرد إشارة إلى أنه لا يعطى له حكم الامام من كل وجه، ولذا قال في التاتخرانية عن الفتاوى والعتابية: ولو أذن وأقام في الصحراء وهو منفرد فحكمه حكم المنفرد في أنه يجمع بين التسميع والتحميد، وكذا في الجهر والمخافتة ا ه. قوله: (لا تركه) الظاهر أن المراد نفي الكراهة الموجبة للإساءة، وإلا فقد صرح في الكنز بعد ذلك بندبه للمسافر وللمصلي في بيته في المصر، قال في البحر: ليكون الأداء على هيئة الجماعة ا ه. ولما علمت من أنه ليس المقصود منه الاعلام فقط قوله: (لحضور الرفقة) أي إن كان ثم جماعة، وإلا فالامر أظهر. قوله: (ولو بجماعة) وعن أبي حنيفة: لو اكتفوا بأذان الناس أجزأهم وقد أساؤوا، ففرق بين الواحد والجماعة في هذه الرواية.
بحر. قوله: (في بيته) أي فيما يتعلق بالبلد من الدار والكرم وغيرهما. قهستاني. وفي التفاريق:
وإن كان في كرم أو ضيعة يكتفي بأذان القرية أو البلدة إن كان قريبا وإلا فلا. وحد القرب أن يبلغ الاذان إليه منها ا ه إسماعيل. والظاهر أنه لا يشترط سماعه بالفعل. تأمل قوله: (لها مسجد) أي فيه أذان وإقامة، وإلا فحكمه كالمسافر. صدر الشريعة. قوله: (إذ أذان الحي يكفيه) لان أذان المحلة وإقامتها كأذانه وإقامته، لان المؤذن نائب أهل المصر كلهم كما يشير إليه ابن مسعود حين صلى