وفي خزانة الفتاوى عن شرح السرخسي على الكافي وذكر فيها أن الأول أحوط والثاني أوسع ا ه.
قال في البحر: والظاهر الأخير لتعريفهم الفجر الصادق به كما يأتي. ورده في النهر بأن الظاهر الأول، لما في حديث جبريل الذي هو أصل الباب ثم صلى بي الفجر يعني في اليوم الأول حين بزق وحرم الطعام على الصائم وبزق: بمعنى بزغ، وهو أول طلوعه ا ه. ومثله في الشرنبلالية. وزاد: ولا ينافيه التعريف لان من شأنه الانتشار فلا يتوقف على أنتشاره بأن يكون بعد مضي جانب منه بدليل لفظ الحديث. قال ح: وأظن أن الاستطارة والانتشار بمعنى واحد كما يفيده كلام الشارح الآتي فهما قولان لا ثلاثة ا ه.
وبما تقرر علم أن المراد أنه لا خلاف في أوله وهو أصل طلوع الفجر الثاني، وإنما الخلاف في المراد من الطلوع وأما عدم الخلاف في آخره فلما صرح به الطحاوي وابن المنذر من أن عليه اتفاق المسلمين قال في الحلية: فلا يلتفت إلى ما عن الإصطخري من الشافعية، مع أنه إذا أسفر الفجر يخرج الوقت وتصير الصلاة بعده إلى الطلوع قضاء ا ه. وبه يندفع قول القهستاني: إن نفي الخلاف في الطرفين من عدم التتبع. قوله: (وأول من صلاه آدم) أي حين أهبط من الجنة وجن عليه الليل ولم يكن رآه قبل فخاف، فلما انشق الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى، فلذا قدمه في الذكر عناية. قوله: (وأول الخمس وجوبا) قال الرحمتي: الظاهر أن أولها وجوبا العشاء، لان الوجوب بآخر الوقت والاسراء كان ليلا. قوله: (لأنه أولها ظهورا) أي أول الخمس، بناء على أن إمامة جبريل إنما كانت في الظهر صبيحة الاسراء: وأن إقامته له في الصبح كانت في غير صبيحتها والمسألة فيها روايتان أشهرهما البداءة بالظهر كما في أبي السعود. قوله: (ولا يخفى الخ) جواب سؤال، حاصله أن الصبح إذا كان أول الخمس وجوبا فكيف تركه النبي (ص) صبيحة الاسراء مع وجوبه عليه ليلا.
وبيان الجواب أنه وإن كان واجبا لا يجب الأداء قبل العلم بالكيفية، لان الخطاب بالمجمل قبل البيان يفيد الابتلاء باعتقاد الحقية في الحال، وإنما يجب العمل بعد البيان كما ذكره الأصوليون، فلا يلزم من الوجوب وجوب الأداء، ونظيره يجب الصوم على المعذور بلا وجوب أداء. أما الجواب بأنه (ص) كان نائما ولا وجوب على النائم، ففي النهر أنه مردود للاجماع على أن المعذور بنوم ونحوه يلزمه القضاء ا ه.
فرع لا يجب انتباه النائم في أول الوقت، ويجب إذا ضاق الوقت. نقله البيري في شرح الأشباه عن البدائع من كتب الأصول، وقال: ولم نره في كتب الفروع، فاغتنمه ا ه.
قلت: لكن فيه نظر لتصريحهم بأنه لا يجب الأداء على النائم اتفاقا فكيف يجب عليه الانتباه؟ روى مسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة أنه (ص) قال: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى وأصل النسخة التنبيه بدل الانتباه، وسنذكر في الايمان أنه لو حلف أنه ما أخر صلاة عن وقتها وقد نام فقضاها، قيل لا يحنث واستظهره الباقاني، لكن في البزازية: الصحيح أنه إن كان نام قبل دخول الوقت وانتبه بعده لا يحنث، وإن كان نام بعد دخوله حنث ا ه. فهذا يقتضي أنه بنومه قبل الوقت لا يكون مؤخرا وعليه فلا يأثم، وإذا لم يأثم لا يجب انتباهه، إذ لو وجب لكان مؤخرا