وبالجملة فالاعتماد في الحقيقة على الإذن المستفاد من حال المالك في الأخذ وإلا عطاء مع البناء على ما هو الغالب من كونه صحيح التصرف لا على قول الصبي ومعاملته من حيث إنه كذلك، وكثيرا ما يعتمد الناس على الإذن المستفاد من غير وجود ذي يد أصلا، مع شهادة الحال بذلك، كما في دخول الحمام ووضع الأجرة عوض الماء التالف في الصندوق، وكذا في أخذ الخضر الموضوعة للبيع و شرب ماء السقائين، ووضع القيمة المتعارفة في الموضع المعد لهما، وغير ذلك من الأمور التي جرت العادة بها كما يعتمد على مثل ذلك في غير المعاوضات من أنواع التصرفات، فالتحقيق أن هذا ليس مستثنى من كلام الأصحاب ولا منافيا له ولا يعتمد على ذلك أيضا في مقام الدعوى ولا فيما إذا طالب المالك بحقه وأظهر عدم الرضا، انتهى.
وحاصله أن مناط الإباحة ومدارها في المعاطاة ليس على وجود تعاط قائم بشخصين، أو بشخص منزل منزلة شخصين، بل على تحقق الرضا من كل منهما بتصرف صاحبه في ماله حتى لو فرضنا أنه حصل مال كل منهما عند صاحبه باتفاق، كإطارة الريح ونحوها، فتراضيا على التصرف بأخبار صبي، أو بغيره من الأمارات كالكتابة ونحوها، كان هذه معاطاة أيضا، ولذا كان وصول الهدية إلى المهدي إليه على يد الطفل الكاشف إيصاله عن رضى المهدي بالتصرف، بل التملك كافيا في إباحة الهدية بل في تملكها، وفيه أن ذلك حسن، إلا أنه موقوف أولا على ثبوت حكم المعاطاة من دون انشاء إباحة و تمليك، والاكتفاء فيها بمجرد الرضا ودعوى حصول الانشاء بدفع الولي المال إلى الصبي مدفوعة بأنه انشاء إباحة لشخص غير معلوم، ومثله غير معلوم الدخول في حكم المعاطاة مع العلم بخروجه عن موضوعها، وبه يفرق بين ما نحن فيه، ومسألة ايصال الهدية بيد الطفل فإنه يمكن فيه دعوى: كون دفعه إليه للايصال إباحة أو تمليكا، كما ذكر أن إذن الولي للصبي في الإعارة إذن في انتفاع المستعير. وأما دخول الحمام و شرب الماء ووضع الأجرة والقمية فلو حكم بصحتها بناء على ما ذكرنا من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالية عن الانشاء انحصر صحة وساطة الصبي فيما يكفي فيه مجرد وصول العوضين دون ما لا يكفي فيه