ثم اعلم أن في صحة تقديم القبول بلفظ الأمر اختلافا كثيرا بين كلمات الأصحاب، فقال في المبسوط: إن قال بعنيها بألف، فقال: بعتك صح والأقوى عندي أنه لا يصح حتى يقول المشتري بعد ذلك اشتريت واختار ذلك في الخلاف وصرح به في الغنية، فقال: واعتبرنا حصول الايجاب من البائع والقبول من المشتري حذرا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري وهو أن يقول بعنيه بألف، فيقول: بعتك، فإنه لا ينعقد حتى يقول المشتري بعد ذلك اشتريت أو قبلت، و صرح به أيضا في السرائر والوسيلة وعن جامع المقاصد أن ظاهرهم أن هذا الحكم اتفاقي، وحكى الاجماع عن ظاهر كل من اشترط الايجاب والقبول.
ومع ذلك كله فقد صرح الشيخ في المبسوط في باب النكاح بجواز التقديم بلفظ الأمر بالبيع، ونسبته إلينا مشعر بقرينة السياق إلى عدم الخلاف فيه بيننا، فقال: إذا تعاقدا فإن تقدم الايجاب على القبول، فقال: زوجتك، فقال: قبلت التزويج صح، وكذا إذا تقدم الايجاب على القبول في البيع صح بلا خلاف. وأما إن تأخر الايجاب وسبق القبول، فإن كان في النكاح، فقال الزوج: زوجنيها.
فقال: زوجتكها، صح وإن لم يعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر الساعدي قال الرجل: زوجنيها يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: زوجتكها بما معك من القرآن فتقدم القبول وتأخر الايجاب، وإن كان هذا في البيع، فقال: بعنيها، فقال: بعتكها، صح عندنا وعند قوم من المخالفين، وقال: قوم منهم لا يصح حتى يسبق الايجاب، انتهى.
وحكي جواز التقديم بهذا اللفظ عن القاضي في الكامل بل يمكن نسبة هذا الحكم إلى كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق، وتمسك له في النكاح برواية سهل الساعدي المعبر فيها عن القبول بطلب التزويج، إلا أن المحقق رحمه الله مع تصريحه في البيع بعدم كفاية الاستيجاب والايجاب صرح بجواز تقديم القبول على الايجاب، وذكر العلامة قدس سره الاستيجاب والايجاب، وجعله خارجا عن قيد اعتبار الايجاب والقبول كالمعاطاة، وجزم بعدم كفايته، مع أنه تردد في اعتبار تقديم القبول، وكيف كان فقد عرفت أن الأقوى المنع في البيع لما عرفت