التصرف إلى حين العلم بالرجوع، وإن كان على وجه المعاطاة فهذا ليس إلا التراضي السابق على ملكية كل منها لمال الآخر، وليس تراضيا جديدا بناء على أن المقصود بالمعاطاة التمليك، كما عرفته من كلام المشهور خصوصا المحقق الثاني، فلا يجوز له أن يريد بقوله المتقدم عن صيغ العقود أن الصيغة الفاقدة للشرائط مع التراضي، يدخل في المعاطاة التراضي الجديد الحاصل بعد العقد لا على وجه المعاوضة.
وتفصيل الكلام أن المتعاملين بالعقد الفاقد لبعض الشرائط. إما أن يقع تقابضهما بغير رضا من كل منهما في تصرف الآخر بل حصل قهرا عليهما، أو على أحدهما واجبارا على العمل بمقتضى العقد، فلا اشكال في حرمة التصرف في المقبوض على هذا الوجه، وكذا إن وقع على وجه الرضا الناشئ عن بناء كل منهما على ملكية الآخر اعتقادا أو تشريعا كما في كل قبض وقع على هذا الوجه، لأن حيثية كون القابض مالكا مستحقا لما يقبضه جهة تقييدية مأخوذة في الرضا ينتفي بانتفائها في الواقع، كما في نظائره.
وهذان الوجهان مما لا اشكال فيه في حرمة التصرف في العوضين كما أنه لا اشكال في الجواز إذا أعرضا عن أثر العقد وتقابضا بقصد انشاء التمليك ليكون معاطاة صحيحة عقيب عقد فاسد. وأما إن وقع الرضا بالتصرف بعد العقد، من دون ابتنائه على استحقاقه بالعقد السابق ولا قصد لإنشاء التمليك بل وقع مقارنا لاعتقاد الملكية الحاصلة بحيث لولا ها كان الرضا أيضا موجودا وكان المقصود الأصلي من المعاملة التصرف وأوقعا العقد الفاسد وسيلة له ويكشف عنه أنه لو سئل كل منهما من رضاه بتصرف صاحبه على تقدير عدم التمليك أو بعد تنبيهه على عدم حصول الملك كان راضيا، فادخال هذا في المعاطاة يتوقف على أمرين:
الأول: كفاية هذا الرضاء المركوز في النفس بل الرضاء الشأني لأن الموجود بالفعل هو رضاه من حيث كونه مالكا في نظره، وقد صرح بعد من قارب عصرنا بكفاية ذلك ولا يبعد رجوع الكلام المتقدم ذكره إلى هذا، ولعله لصدق طيب النفس على هذا الأمر المركوز في النفس.