نحن، ومع ذلك فلا يعارض الصحيحتين ويمكن الجمع بينهما بما ذكرناه وبأن هذا الخبر إنما دل على النهي عن الطلاق قبل المسيس والنهي بمجرده لا يفيد البطلان في غير العبادات، فلا تعارض فلذلك كان القول بجواز الطلاق من دون الوطي أصح وأما الثانية فالأمر فيها بالعكس، فإن كان الخبر الدال على الجواز ليس من الصحيح، لكنه من الموثق، والصحيح أرجح منه فكان العمل بمقتضاه أولى، ولكنه ليس بمتعين لأنه لا يدل على البطلان كما ذكرناه ويمكن حمله على الكراهة لمعارضة ما تقدم له في المسألة الأولى وإذا حمل لأجلها على شئ سقطت دلالته على الثانية وبقي موثقة إسحاق بن عمار، ولا معارض لها. ويؤيدها عموم ما دل على جواز تطليق الزوجة من الكتاب والسنة فإن المراجعة في مجلس الطلاق زوجة قطعا ومع ذلك فلا قائل بالمنع من الطلاق في المسألتين سوى ابن أبي عقيل في الأولى صريحا وفي الثانية لزوما وهو غير قادح في الاجماع على الجانب الآخر على قواعد الأصحاب كما علم غير مرة وأما موافقة الشيخ له في المنع من طلاق العدة فغير قادح في المخالفة لأن في الطلاق المتعدد الذي جوز في المجلس الواحد بتخلل الرجعة لا يقول أحد إنه طلاق عدة.
" تنبيه لأمور الأول ما ذكره المصنف من قوله بعد نقل الروايتين والأولى الخ.
أجود من قول العلامة في القواعد أنه يجوز تعدد الطلاق في الطهر الأولى على أقوى الروايتين لما عرفت من أن رواية الجواز ليست أقوى من رواية المنع لأنها صحيحة وتلك موثقة تعد من قسم الضعيف وزاد ولده في الشرح إشكالا بقوله وإنما كانت الأولى أقوى من حيث السند ومن حيث اعتضادها بعموم القرآن والأخبار الصحاح فإن السند فيها أضعف قطعا لا أقوى وأما الدلالة فقد ذكرنا ما فيها، الثاني الأولوية المذكورة من حيث دلالة الأخبار الصحيحة على جواز الطلاق بعد الطهر من غير جماع كما ذكرناه بخلاف تعدد الطلاق في الطهر الواحد ومع ذلك ففيها دلالة على جواز الطلاق ثانيا في الطهر الأول لأن الأول لا يمنع من نقيضه وقال فخر الدين أيضا إن وجه الأولوية ارتفاع الخلاف فيه ولا يخفي ما فيه لأن الخلاف لا يرتفع بذلك لما عرفت من أن ابن أبي عقيل لا يجوز الطلاق إلا بعد المواقعة وليس الخلاف هنا إلا معه.