المتأخرين عنه برواية أبي بصير عن أبي عبد الله " قال: المراجعة هي الجماع وإلا فإنما هي واحدة ". وفي هذا الاستدلال ما عرفت آنفا، والظاهر أنهم فهموا من منع ابن أبي عقيل من الطلاق ثانيا بعد الرجعة بدون جماع أن الوجه فيه عدم حصول الرجعة بالكلية، فيصير الطلاق لاغيا. وأنت خبير بأنه لا دلالة في كلامه على ذلك إذ أقصى ما يدل عليه عدم صحة ذلك الطلاق الأخير خاصة، وأما أن العلة فيه عدم حصول الرجعة، فلا دلالة فيه عليه. ويدل على هذا القول أيضا صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) " أنه قال: كل طلاق لا يكون على السنة أو على العدة فليس بشئ " ثم فسر (ع) طلاق السنة وطلاق العدة بما تقدم ذكره في سابق هذه المسألة ".
(وصفحة 299) " أقول: ويقرب بالبال العليل والفكر الكليل أن هذا الخبر هو معتمد ابن أبي عقيل فيما ذهب إليه، وإن دلت تلك الأخبار الأخر أيضا عليه، حيث إن كلامه في التحقيق راجع إلى نقل هذا الخبر بالمعنى في بعض، وبألفاظه في آخر وحاصل معنى الخبر المذكور أنه لو طلق ثم راجع من غير مواقعة ثم طلقها في طهر آخر لم يكن ذلك طلاقا، لأنه وقع في طهر الطلقة الأولى، وقوله " ولا ينقض الطهر.. إلخ " في مقام التعليل ذلك، بمعنى أن الطهر الآخر الذي تصير به الطلقة الواقعة فيه ثانية، وتكون صحيحة هو ما وقع بعد الرجعة المشتملة على المواقعة، ثم الحيض بعدها والطهر منه.
جواهر الكلام (مجلد 32 صفحة 140) " وبذلك كله ظهر لك أن الاطناب في المسالك والحدائق في المقام لا حاصل له، خصوصا بعد استقرار كلمة الأصحاب من زمن ابن أبي عقيل إلى يومنا هذا على ذلك إلا من بعض أهل الوسوسة ممن لم يعض على الأمر بضرس قاطع، والله العالم.
وربما جمع بين النصوص بأنه إن كان غرضه من الرجعة التطليقة الأخرى إلى أن تبين منه فلا يتم مراجعتها، ولا يصح طلاقها بعد المراجعة، ولا تحسب من الثلاث حتى يمسها، وإن كان غرضه من الرجعة أن تكون في حباله، وله فيها حاجة ثم بدا له أن يطلقها فلا حاجة إلى المس، ويصح طلاقها، ويحسب من الثلاث، والوجه أن