بعد العزم على الفعل قبله، أو على العدم في السعة لكن عرض له بعد ذلك ما منعه عن القضاء، وبالجملة أدركه الرمضان الثاني أو عذر آخر مستمر إليه وهو غير عازم على القضاء قضاه وكفر عن كل يوم من السالف بمد من الطعام بلا خلاف أجده في الأخير بأقسامه السابقة إلا من الحلي في السرائر فاقتصر على القضاء طرحا للنصوص على أصله من عدم العمل بأخبار الآحاد، فيبقى حينئذ أصل البراءة سالما عن المعارض، ثم قال " والاجماع غير منعقد على وجوب الكفارة لأن أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها ولا يوردونها في كتبهم مثل الفقيه وسلار والسيد المرتضى وغيرهما ولا يذهب إلى الكفارة في هذه المسألة يعني مسألة التواني إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الجزء الثاني من مقنعته، ولم يذكرها في كتاب الصيام فيها ولا في غيرها من كتبه وشيخنا أبو جعفر ومن تابعهما وقلد كتبهما ويتعلق بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت عليهم السلام حجة على ما شرحناه وقد يؤيده أيضا مرسل سعد بن سعد عن أبي الحسن عليه السلام سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ قال " أحب له تعجيل الصيام. فإن كان أخره فليس عليه شئ " وهو كما ترى مبني على أصل فاسد، لكن بالغ في الانكار عليه في المعتبر فقال إنه ارتكب ما لم يذهب إليه أحد من فقهاء الإمامية فيما علمت، ثم ذكر رواة الفدية زرارة ومحمد بن مسلم وأبو الصباح الكناني وأبو بصير و عبد الله بن سنان، وقال: هؤلاء فضلاء السلف من الإمامية، وليس لروايتهم معارض إلا ما يحتمل رده إلى ما ذكرناه، فالراد لذلك متكلف لما لا ضرورة إليه، ونحو منه عن المنتهى، وفي المختلف أن البراءة إنما يصار إليها مع عدم دليل الثبوت وشغل الذمة، وقد بينا الأدلة، وعدم ذكر أحد من أصحابنا غير الشيخين لهذه المسألة ليس حجة على العدم مع أن الشيخين هما القيمان بالمذهب، وكيف يدعى ذلك؟ وابنا بابويه رحمهما الله سبقا الشيخين بذكر وجوب الصدقة مطلقا، ولم يفصلا بين التواني وغيره، وكذا ابن أبي عقيل، وهو أسبق من الشيخين، وهؤلاء عمدة المذهب، والحديث الذي رواه سعد بن سعد مرسل ضعيف السند.
(٣١١)