قال " سمعت أبا عبد الله عليه السلام " يقول " لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا من عذر " ثم قال: والجواب أن الحديث يدل على أن التقديم من باب الأولى لا أنه واجب وجوبا مضيقا ". انتهى.
أقول: ولا يخفى أنه قد تقدم منا ما هو التحقيق في المقام وبيان ما فيه من ابرام النقض ونقض الابرام، وقد ذكرنا أن ما نسبوه للشيخ المفيد من القول بالتضيق ليس في محله وإنما كلامه قدس سره وقع على نهج الأخبار المستفيضة في المسألة من أن لكل صلاة وقتين وأن الوقت الثاني إنما هو لذوي الأعذار والاضطرار وأن من أخر الصلاة إليه ولم يكن كذلك كان تحت المشيئة لا يجب على الله تعالى قبول عمله إن شاء عذبه وإن شاء عفى عنه. وهو ظاهر في حصول العصيان بالتأخير وإن وقعت الصلاة أداء. ونحوه كلام ابن أبي عقيل إلا أنه بالغ في ذلك بنسبته إلى إبطال العمل وكونه قاضيا للفرض لا مؤديا وبالجملة فإن ما ذكره شيخنا المفيد هو الذي تكاثرت به الأخبار المتقدمة كما أوضحناه بما لا مزيد عليه.
(وصفحة 285) " أما لو وقع بعضها في الوقت فقد اختلف الأصحاب فيه، وظاهر عبارة النهاية المتقدمة الصحة، ونقل في المختلف أنه منصوص أبي الصلاح وظاهر كلام ابن البراج.
وقال السيد المرتضى لا تصح صلاته، وفي المختلف أنه منصوص ابن أبي عقيل وظاهر كلام ابن الجنيد، وإليه ذهب العلامة، وهو المشهور بين المتأخرين. احتج العلامة في المختلف على ما ذهب إليه من البطلان برواية أبي بصير المتقدمة الدالة على أن من صلى في غير وقت فلا صلاة له، ولأنه فعل العبادة قبل حضور وقتها فلا تكون مجزئة عنه كما لو وقعت بأجمعها في غير الوقت، ولأن النسيان غير عذر في الفوات فلا يكون عذرا في التقديم، ولأنه ليس بعذر في الجميع فلا يكون عذرا في البعض.
(وصفحة 293) ".. ويدل عليه أيضا رواية إسماعيل بن رباح (رياح) عن أبي عبد الله عليه السلام قال " إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك " ونقل عن السيد المرتضى وابن أبي عقيل وابن الجنيد البطلان كما لو وقعت بأسرها قبل الوقت واختاره العلامة في المختلف والسيد السند في المدارك، وظاهر المحقق في المعتبر التوقف في المسألة.