واختلف الناس فيه على أربعة مذاهب:
فقال الشافعي في الجديد والأم: الدين لا يمنع وجوب الزكاة، وبه قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى.
وقال في القديم، واختلاف العراقيين في الجديد: الدين يمنع وجوب الزكاة، فإن كان الدين بقدر ما عنده منع من وجوب الزكاة، وإن كان أقل منع الزكاة فيما قابله، فإن بقي بعده نصاب فيه الزكاة، وإلا فلا زكاة فيه. وبه قال الحسن البصري، وسليمان بن يسار، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق.
وذهب قوم إلى أنه إن كان ما في يده من الأثمان أو التجارة منع الدين من وجوب الزكاة فيها، وإن كان من الماشية أو الثمار، أو الحرث لم يمنع. ذهب إليه مالك، والأوزاعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الدين يمنع من وجوب الزكاة في الماشية، والتجارة، والأثمان. فأما الأموال العشرية الحرث والثمار، فالدين لا يمنع وجوب العشر. وكأنه يقول: الدين يمنع وجوب الزكاة، والعشر ليس بزكاة عندهم، فلا يمنع الدين منه.
دليلنا: كل خبر روي عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام من أن الزكاة في الأجناس المخصوصة، متناول لهذا الموضع، لأنه لم يفرق بين من عليه الدين، وبين من لم يكن عليه ذلك، فوجب حملها على العموم.
مسألة 126: إذا ملك مائتي درهم وعليه مائتان، وله عقار، وأثاث يفي بما عليه من الدين، فعندنا أنه يجب عليه في المائين الزكاة.
وقال أبو حنيفة: المائتان في مقابلة المائتين، ويمنع الدين وجوبها فيه، ولا يكون الدين في مقابلة ما عداه.
دليلنا: أنا قد بينا أنه لو لم يملك غير المائتين لم تسقط عنه الزكاة، لأن الزكاة حق في المال، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع منه.