والوجه في الجمع بينهما أن يحمل الخبر الأول على سقوط الفرض بخروج الشهر، والثانية بحملها على الاستحباب، ويقوي ذلك أن الأصل براءة الذمة، فلا يعلق عليها شئ إلا بدليل.
وروي عن ابن عباس قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وآله صدقة الفطرة في رمضان طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين.
مسألة 174: إذا كان العبد بين شريكين فعليهما فطرته بالحصة، وكذلك إن كان بينهما ألف عبد، أو كان ألف عبد لألف نفس مشاعا، الباب واحد. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا كان العبد بين شريكين سقطت الفطرة، ولو كان بينهما ألف عبد مشاعا فلا فطرة.
دليلنا: عموم الأخبار في وجوب إخراج الفطرة عن العبد، ولم يفرقوا بين أن يكون مشاعا أو غير مشاع.
وأيضا الاحتياط يقتضي ذلك، لأنه إذا أخرج برئت ذمته بيقين، وإذا لم يخرج ففي براءتها خلاف.
مسألة 175: إذا أوجبنا على الشريكين زكاة عبد واحد، كان عليهما من فاضل قوتهما الغالب عليه، فإن اختلف قوتاهما كانا مخيرين بين الإنفاق من جنس واحد، سواء كان الأدون أو الأعلى. وإن أخرجا مختلفين كان أيضا جائزا.
وقال ابن سريج: يخرجان من جنس واحد من أدونهما قوتا.
وقال أبو إسحاق: يخرجان من جنسين مختلفين على قول الشافعي أنه يجب إخراجه من غالب قوته، وبه قال أبو عبيد بن حربويه.
والذي اختاره أبو العباس وأبو إسحاق أنهما يخرجان من غالب قوت البلد، لأنه الذي يلزم المكلف دون قوت نفسه.