تبينا أن الورث انتقل إليهم بالوفاة، فعليهم فطرته.
والثالث: قول ابن عبد الحكم: أنه يزول ملكه عنه بالموت إلى الموصى له بذلك، كالميراث. وهذا نقل المزني إلى المختصر، وأنه دخل في ملك الموصى له بغير اختياره، فإن قبل استقر ملكه، وإن رد خرج الآن من ملكه إلى ورثة الميت. لا عن الميت، فعلى هذا يلزم الموصى له فطرته، وأبي أكثر أصحابه هذا القول.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وليس في الشرع دليل على شغل واحد منهما، فيجب تركهما على الأصل.
مسألة 181: إذا مات الموصي، ثم مات الموصى له قبل أن يقبل الوصية، قام ورثته مقامه في قبول الوصية، وصار مثل المسألة الأولى سواء. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: تبطل الوصية، وحكي عنه أيضا أنها تتم بموت الموصى له، ودخلت في ملكه بموته ولا يفتقر إلى قبول.
وقد بينا في المسألة الأولى من الذي تلزمه فطرته.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 182: من وهب لغيره عبدا قبل أن يهل شوال فقبله الموهوب له، ولم يقبضه حتى يهل شوال، ثم قبضه، فالفطرة على الموهوب له. وبه قال الشافعي في الأم، وهو قول مالك.
وقال أبو إسحاق: الفطرة على الواهب، لأن الهبة تملك بالقبض.
دليلنا: أن الهبة منعقدة بالإيجاب والقبول، وليس من شرط انعقادها القبض، وسنبين ذلك في باب الهبة، فإذا ثبت ذلك، ثبت هذه، لأن أحدا لا يفرق بينهما.