وحمل الأوامر على الوجوب ولا يمكن تقييدها لأنه قلما يتفق ان يخلو أحد الخبرين عن إحدى المرجحات بكثرتها، لأن كون الخبرين في جميع سلسلة سندهما متساويين في العدالة والفقاهة والورع والأوثقية في النفس ومضمونهما موافقا للكتاب والعامة أو مخالفا لهما ومشهورا بين الأصحاب أو غير مشهور نادر جدا، خصوصا إذا تعدينا إلى المرجحات الغير المنصوصة، فلا بد من حمل الأوامر الواردة في الترجيحات على الاستحباب حفظا لإطلاق اخبار التخيير والتحقيق عدم ورود الإشكالين ومنشأ توهم ورودهما أمور:
منها - توهم اعتبار المرفوعة ولو لأجل اشتهارها بين الأصحاب وعدها من اخبار العلاج، وقد تقدم انها غير صالحة للتمسك ولا يمكن إثبات حكم بها، والاشتهار من زمن ابن أبي جمهور على فرضه لا يصير جابرا فهي مرسلة في غاية الضعف والوهن.
ومنها - عد الأعدلية والأفقهية والأصدقية في الحديث والأورعية مما وقعت في المقبولة من المرجحات للحديثين المتعارضين مع ان المقبولة آبية عنه بل الظاهر لو لم ندع الصريح منها انها من مرجحات حكم الحكمين. وورود الإشكال أو الإشكالات عليها على هذا الفرض لو سلم لا يوجب صحة التمسك بها لترجيح الخبرين وسيأتي مزيد توضيح لذلك.
ومنها - توهم كون الاشتهار بين الأصحاب مما ذكر في المقبولة من مرجحات الخبرين كسائر المرجحات وفي عرضها، مع ان الاشتهار فيها هو الاشتهار في الفتوى كما سيأتي بيانه وفي مقابله النادر الشاذ وهو يجعل الخبر بين الرشد ومقابله بين الغى، بل نفس كون الخبر مجمعا عليه بين الأصحاب بهذا المعنى يجعله حجة، بل نفس هذا الإجماع والاشتهار حجة ومقابله الشاذ النادر الذي أعرض عنه الأصحاب وهو يسقطه عن الحجية ويجعله بين الغى مع ان ظاهر المقبولة كون الاشتهار بين الأصحاب في مدرك حكم أحد الحكمين من مرجحات حكمه لا من مرجحات الخبرين.
نعم ظاهر ذيله حيث قال: فان كان الخبران عنكم مشهورين انتقال السائل إلى