على الله تعالى ولا إشكال في الرواية إلى هاهنا.
ثم سئل عن اختيار كل منهما رجلا من أصحابنا ليكونا ناظرين في حقهما ومراده من الناظرين هو الحكمين كما هو المتعارف بين الناس قوله: «فاختلفا فيما حكما» أي كل منهما حكم في القضية بما يخالف الاخر قوله: «كلاهما اختلفا في حديثكم» أي يكون منشأ اختلافهما اختلاف رأيهما في حديثكم، ويمكن ان يكون الاختلاف في حديثهم هو اختلافهما في معنى حديث واحد أو في حديثين بان استند كل منهما بحديث وأنكر الاخر أو رجحه عليه قوله: الحكم ما حكم به أعدلهما (إلخ) أي النافذ من الحكمين هو حكم الأعدل ولا يلتفت إلى حكم الاخر، ولهذين الجملتين أيضا ظهور قوى في ان الترجيح مربوط بحكم الحاكمين لا بالفتوى والرأي ولا بالرواية.
ويشهد له ما روى الصدوق بإسناده عن داود بن الحسين عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين فاختلف العدلان بينهما عن قول أيهما يمضى الحكم؟ قال: «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر» (1) بناء على كونها رواية مستقلة لا قطعة من المقبولة.
وما روى الشيخ بإسناده عن موسى بن أكيل (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ له منازعة في حق فيتفقان على رجلين يكونان بينهما فحكما فاختلفا فيما حكما قال: كيف يختلفان؟ قال: حكم كل واحد منهما للذي اختاره الخصمان فقال: ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضى حكمه» (3) تدل على نفوذ حكم الأعدل الأفقه ومضمونهما عين مضمون المقبولة ومع ذلك لم يستدلوا بهما على الترجيح في باب تعارض الروايتين وليس ذلك الا لعدم ربطهما بما نحن فيه وكذا الحال في المقبولة قوله: المجمع عليه (إلخ) ثم بعد فرض تساوى الحكمين في الفقه والعدالة