أقول: الشك الحاصل للمكلف تارة يكون من جهة الشك في كون التخيير استمراريا أولا بعد البناء على ان المسألة أصولية وان في المسألة الأصولية يجوز ان يكون التخيير بدويا واستمراريا (وأخرى) من جهة الشك في كون المسألة أصولية أو فقهية بعد البناء على انها ان كانت أصولية يكون التخيير بدويا وان كانت فقهية يكون استمراريا (وثالثة) من جهة الشك في كون الخطاب في المسألة الأصولية عاما، أو خاصا بالمجتهد، بعد البناء على انه لو كان عاما يكون التخيير استمراريا بخلاف ما لو كان خاصا به، فعلى الأول تارة يفرض كون الموضوع في أدلة التخيير هو ذات المكلف إذا لم يعلم الحق كما هو مفاد رواية ابن الجهم فان ظاهرها ان الحكم بالتوسعة لذات المكلف، وعدم العلم بالحق واسطة لثبوت الحكم له، وأخرى كونه غير العالم بالحق بوصفه العنواني، وثالثة كونه عنوان المتحير في وظيفته، ورابعة كونه عنوان من لم يختر لأحدهما.
والتحقيق جريان الاستصحاب في جميع الصور، اما في الصورتين الأوليين فواضح ولو فرض أخذ موضوع الاستصحاب من الدليل لبقائه قطعا، اما إذا كان ذات المكلف كما هو الحق فمعلوم، واما إذا كان عنوان غير العالم بان أيهما حق، فلان الأخذ بأحدهما لا يجعله عالما بحقية أحدهما، ضرورة ان حكمه بأخذ أحدهما ليس من باب حقيقته أو التعبد بذلك، بل انما هو من باب بيان الوظيفة في صورة الشك على ما ذكرنا في بعض الأمور المتقدمة.
واما في الصورتين الأخيرتين فلان الموضوع فيه عرفي، وعنوان المتحير أو الذي لم يختر وان كانا بحسب المفهوم الكلي مخالفا لعنوان مقابلهما لكن مصداقهما إذا وجدا في الخارج وصدق عليهما العنوانان يثبت لهما الحكم فإذا زال العنوان بقي الموضوع قطعا، لأن المكلف الموجود في الخارج إذا زال عنه عنوان المتحير لا ينقلب عما هو عليه عرفا فيكون إثبات حكم التخيير له بالاستصحاب إبقاء للحكم السابق لا إسراء من موضوع إلى آخر.
نعم لو أريد إثبات الحكم من عنوان المتحير لغيره يكون من إسرائه إلى موضوع آخر، لكن لا نريد الا إثبات التخيير لزيد وعمرو بعد كونه ثابتا لهما لأجل تطبيق العنوان