واما ما يقال: ان الجمع بين الإرجاء والتوسعة في موثقة سماعة مع كون موردها الدوران بين المحذورين دليل على ان الإرجاء ليس في العمل بل في الفتوى وان التوسعة في العمل «ففيه» ان المظنون ان الموثقة عين ما عن الطبرسي كما أشرنا إليه مع ان فيه:
«لا تعمل بواحد منهما» في جواب قوله: «يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالاخذ به والاخر ينهانا عنه» فعلم من ذلك ان المورد لا يلزم ان يكون من الدوران بين المحذورين كما لو ورد خبر بان الحبوة للولد الأكبر فأعطوها إياه وآخر بأنها ليست له فلا تعطوها إياه، ففي مثل تلك الواقعة يمكن تأخيرها والاحتياط في العمل بالصلح أو تأخيرها إلى لقاء الإمام والتخيير في العمل.
وبالجملة لا تكون الموثقة شاهدة لهذا الجمع مع إباء رواية الطبرسي عن ذلك بل إباء الموثقة عنه أيضا، لما عرفت ان معنى الإرجاء هو التأخير وترك العمل.
وقد يستشهد برواية الميثمي على الجمع بين الروايات بحمل اخبار التخيير على التخيير في المستحبات والمكروهات وحمل اخبار الإرجاء على غيرهما، والمناسب نقل هذه الرواية الشريفة بطولها حتى يتضح بطلان هذه الدعوى، فعن عيون الاخبار بإسناده عن أحمد بن الحسن الميثمي انه سئل الرضا عليه السلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله في الشيء الواحد، فقال: ان الله حرم حراما وأحل حلالا وفرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرم الله وفي تحريم ما أحل الله أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا نسخ نسخ ذلك، فذلك ما لا يسع الأخذ به، لأن رسول الله لم يكن ليحرم ما أحل الله ولا ليحلل ما حرم الله ولا ليغير فرائض الله وأحكامه كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله، وذلك قول الله تعالى:
ان اتبع الا ما يوحى إلى، فكان متبعا لله مؤديا عن الله ما امره به من تبليغ الرسالة، قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله مما ليس في الكتاب وهو في السنة ثم يرد خلافه، فقال: كذلك قد نهى رسول الله عن أشياء نهى حرام فوافق في ذلك نهيه نهى الله وامر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله فوافق في ذلك امره امر الله فما جاء في النهي عن رسول الله نهى حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك وكذلك فيما امر به لأنا لا نرخص فيما لم يرخص