وفي حكم ذلك في عدم الحجية ما إذا وصلت الأمارتان وتكاذبتا في المضمون فان كل واحدة منهما إذا كان مبتلى بمعارض ينفي ما يثبته لا يكون عند العقلاء حجة على مضمونه، فلو كانت صلاة الجمعة واجبة واقعا لا تكون الأمارة القائمة على وجوبها حجة عليه إذا قامت أمارة أخرى مثلها على عدم وجوبها فكل واحدة منهما ساقطة عن الحجية، ولا معنى لحجية أحدهما لا بعينه لعدم تعقل ذلك بعد سقوط كل واحد منهما عنها، لأن الواحد لا بعينه وبلا عنوان لا وجود له والموجود كل واحد مشخصا بشخصية وهو ساقط عن الحجية فلا يعقل ان يكون الواحد لا بعينه حجة.
هذا حال مضمونهما المبتلى بالمعارض واما إذا كان لكل واحد منهما مضمون التزامي موافق للآخر فيمكن ان يقال يصح الاحتجاج بكل منهما على الواقع إذا طابقه لعدم الابتلاء بالمعارض، والعلم بالكذب في المدلول المطابقي لا يوجب السقوط عن الحجية في الالتزامي الذي لا يعلم كذبه، الا ترى انه لو قامت الأمارة على وجوب إكرام زيد وكان ملازما لوجوب إكرام عمرو فترك العبد كليهما فصادف عدم وجوب إكرام زيد ووجوب إكرام عمرو بدليل آخر لم يصل إلى العبد تصح عقوبته في ترك إكرام عمرو لأن في تركه مع قيام الأمارة عليه ليس معذورا، ومجرد كون الوجوب مؤدى أمارة غير واصلة لا هذه ليس عذرا (1).