من كثير من عمومات التقية وإطلاقاتها ان المأتي به تقية مصداق لماهية المأمور بها ويسقط امره بإتيانه، اما بالنسبة إلى التكاليف النفسية فظاهر، واما التكاليف الغيرية كالوضوء والغسل فقد يتوهم عدم شمول الأدلة لها واختصاصها بالنفسيات فإتيان الصلاة مع الوضوء الكذائي مما يضطر إليه المكلف فهو حلال جائز واما بعد رفع التقية فلا تحل الصلاة مع الوضوء أو الغسل تقية كما لا يكون تجفيف محل البول تقية موجبا للتطهير فكما لا يرفع ذاك الخبث لا يرفع ذلك الحدث فالرخصة المستفادة من العمومات لا تقتضي الا رفع المنع عن الدخول في الصلاة بالوضوء مع غسل الرجلين أو الإتيان به مع النبيذ ومع نجاسة البدن لا صحة الوضوء وطهارة البدن.
ولكن الظاهر عدم قصور الأدلة عن استفادة صحة الوضوء تقية مع غسل الرجلين أو الإتيان بالنبيذ لأن الوضوء الكذائي شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله والحلية الوضعية بالنسبة إليه كونه ممضى كما ان الجواز كذلك فالحلية والجواز الوضعي في الوضوء بالنبيذ صحته وتماميته فإذا صح وتم يرفع به الحدث، فلو دل دليل بالخصوص على جواز الوضوء بالنبيذ فلا يشك أحد في استفادة الصحة منه، والفرق بين الدليل العام والخاص غير واضح، وبعد صحته وتماميته لا ريب في رفعه الحدث.
والنقض بلزوم القول بطهارة رأس الحشفة إذا مسحه بالجدار غير وارد، لإمكان الفرق بان استفادة الطهارة من قوله أحله الله وجائز مشكلة محتاجة إلى التكلف، بخلاف استفادة صحة الوضوء والغسل التي يترتب عليها رفع الحدث من غير لزوم انتساب الحلية والجواز إليه، وانتسابهما إلى أسباب الطهارة كالمسح وان كان ممكنا لكن بعيد عن الفهم العرفي (تأمل) هذا حال الأدلة العامة.
واما الأدلة الخاصة الواردة في باب الوضوء فلا إشكال في استفادة الصحة منها وان الوضوء تقية مصداق المأمور به، ففي حسنة داود بن زربي بل صحيحته قال سئلت أبا عبد الله عن الوضوء، فقال لي: توضأ ثلثا ثلثا (1) ولا ريب في دلالتها على ان الوضوء كذلك مصداق للماهية المسؤول عنها ولم يكن جوابه أجنبيا عن السؤال، وكذا ما أجاب عن عدة الطهارة بعد سؤال داود بن زربي في رواية داود الرقي حيث قال عليه السلام: ثلثا