فرجها ويضرب الشاهدان ويضمنان المهر لها " بما غرا الرجل " (1) فإن بين تسبيب الشاهدين وتلف المهر على الزوج توسطت إرادة الفاعل المختار ومن قبيل معتبرة جميل عن أبي عبد الله (ع) " في شاهد الزور قال إن كان الشئ قائما بعينه رد على صاحبه وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل " (2) فقد حكم هنا بضمان الشاهد وأسند الاتلاف إليه مع أنه يتوسط بين الشهادة وتلف المال إرادة فاعل مختار وهو القاضي الذي حكم على طبق الشهادة غير أن القاضي مغرر به كما أن الزوج هناك كان مغررا به وقوله في الرواية الأولى (بما غرا) ظاهر عرفا في التعليل بنحو يتعدى عن مورده كما أن قوله " بقدر ما أتلف من مال الرجل " لا يبعد أن يكون في قوة التعليل ومرجعه حينئذ إلى أنه يضمن لأنه أتلف ويراد بالاتلاف هذا النحو من الاستناد الذي لا يضر به توسط إرادة الفاعل المختار فيتعدى عن مورده أيضا وعلى أي حال يستفاد من هذه الروايات وغيرها ملاك ثالث للضمان وهو التسبيب ولكنه يختص بالتسبيب بالتغرير لأنه مورد تلك الروايات فكأن إرادة الفاعل المختار المتوسطة في البين لما كانت مغررا بها فهي بحكم العدم فغاية ما تقتضيه تلك الروايات تعميم الضمان بالتسبيب لموارد توسط الإرادة المغرر بها وأما موارد توسط إرادة غير مغرر بها غير أنها ملزم بها بأمر شرعي كإرادة التطهير في المقام فالتعدي إليها مشكل ومتوقف إما على دعوى صدق اسناد الاتلاف عرفا إلى المسبب بعد تنزيل الإدارة المقهورة تشريعا منزلة الإرادة الواقعة تحت الجبر حقيقة أو على التعدي من التغرير إلى مثل ذلك بأن يقال إن عنوان
(٣٢٨)