يرفع إلا الحدث، إذ لم يثبت إلا كونه طهورا، ولا يقتضي ذلك إلا إزالة الحدث دون الجنابة. فيرد عليه: أن هذا التفكيك ليس مفهوما عرفا من الأدلة، بل ليس الحدث إلا عنوانا للجنابة نفسها، لا أن هناك اعتبارين متغايرين للجنابة وللحدث. وهذا التفكيك لو تعقلناه. في مورد الجنابة فكيف يمكن تصويره في الميت، لوضوح أنه لا يتصور بشأنه إلا أمر واحد وهو حدث الموت.
وإن رجع ذلك - بعد التسليم بوحدة الحدث والجنابة - إلى أن طهورية التيمم لا تعني كونه رافعا لشئ، وإن الرافعية تحتاج إلى دليل خاص كما في الغسل، ومع عدمه في التيمم يكون مقتضى الجمع بين الأدلة الالتزام ببقاء الحدث وحصول الطهارة للمتيمم. فهذا أغرب، لأن الطهارة معناها النقاء والنظافة من شئ، فالرافعية مستبطنة فيها، واعتبارها شرعا للتيمم عبارة أخرى عن جعله رافعا ومنظفا من شئ. وهل استفيدت رافعية الغسل للجنابة من قوله تعالى (وإن كنتم جنبا فاطهروا) (1) إلا بلحاظ إن مادة الطهارة بنفسها مساوقة للنقاء والنظافة؟!، فالأمر بها بعد افتراض الجنابة ظاهر عرفا في كون الغسل رافعا لها. والشي نفسه يقال في دليل طهورية التيمم.
وأما وجوب غسل المس بمس الميت الميمم فهو غير مبني على ما ذكر بل على اطلاق دليله، إذ لم يؤخذ في موضوعه سوى عنوان الميت وأنه لم يغسل، فلا بد من بحث في أن التغسيل المأخوذ عدمه هل لوحظ بعنوانه أو بوصفه طهورا أو رافعا للحدث، فعلى الأول يجب غسل المس في الفرض المذكور، دونه على الثاني.
الخامس: أن يقال إن دليل طهورية التيمم مفاده الطهورية التشريعية