وأما الجهة الثانية - فهي في البحث عن المقيد بعد فرض تمامية الاطلاق فما يدعى كونه مقيدا أحد أمور:
الأول - ارتكاز عدم السراية بدون رطوبة وهذا الارتكاز باعتباره كالقرينة المتصلة لبا يكون مقيدا للاطلاق حيث تكون الدلالة على السراية في صورة الجفاف بالاطلاق ويكون قرينة لحمل الأمر بالغسل على التنزه حيث يكون الأمر بالغسل واردا في موضوع لا يمكن تقييده بفرض الرطوبة لكونه فرضا نادرا كما في مثل مصافحة الكتابي مثلا (1) ويكون قرينة على افتراض الرطوبة في كلام السائل حين يسأل عن السراية من دون أن يفرض الرطوبة صريحا لأن وضوح عدم السراية بدون رطوبة عرفا يوجب انصراف السؤال إلى فرض الرطوبة فلا يبقى حينئذ في جواب الإمام عليه السلام اطلاق لفرض الجفاف وهذا التقريب للتقييد والتصرف في المطلقات تام وعليه المعول في عدم السراية في حالات الجفاف.
الثاني - رواية عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال كل شئ يابس زكي (2) والاستدلال بها يتوقف على أن المراد بكون اليابس زكيا أنه زكي في مقام التأثير والفاعلية بمعنى أنه لا ينجس غير أن الرواية ليست ظاهرة في ذلك لاحتمال أن يكون مفادها كون التجفيف موجبا لطهارة الشئ المتنجس في نفسه فتخرج بذلك عن محل الكلام وحملها على هذا الاحتمال