ومحاكاته له، ولهذا السبب يوجب انفعالا في النفس، فمثلا بعض الأوزان يوجب الطيش والخفة، وبعضها يقتضي الوقار والهدوء، وبعضها يناسب الحزن والشجي، وبعضها يناسب الفرح والسرور.
فالوزن - على كل حال - بحسب ما له من إيقاعات موسيقية يثير التخيل واللذة في النفوس. وهذا أمر غريزي في الإنسان. وإذا أدي الوزن بلحن ونغمة تناسبه مع صوت جميل كان أكثر إيقاعا وأشد تأثيرا في النفس، لا سيما إن لكل نغمة صوتية أيضا تعبيرا عن حال، فالنغمة الغليظة - مثلا - تعبر عن الغضب، والنغمة الرقيقة عن السرور وهيجان الشوق، والنغمة الشجية عن الحزن. فإذا انضمت النغمة إلى الوزن تضاعف أثر الشعر في التخييل، ولذلك تجد الاختلاف الكثير في تأثير الشعر باختلاف إنشاده بلحن وبغير لحن، وباختلاف طرق الألحان وطرق الإنشاد، حتى قد يبلغ إلى درجة النشوة والطرب، فيثير عاطفة عنيفة عاصفة.
2 - المسموع من القول، يعني الألفاظ نفسها، فإن لكل حرف أيضا نغمة وتعبيرا عن حال، كما أن تراكيبها لها ذلك الاختلاف في التعبير عن أحوال النفس والاختلاف في التأثير فيها، فهناك - مثلا - ألفاظ عذبة رقيقة، وألفاظ غليظة ثقيلة على السمع، وألفاظ متوسطة.
ثم إن للفظ المسموع أيضا تأثيرا في التخييل، إما من جهة جوهره كأن يكون فصيحا جزلا، أو من جهة حيلة بتركيبه، كما في أنواع البديع المذكورة في علمه، وكالتشبيه والاستعارة والتورية ونحوها المذكورة في علم البيان.
3 - نفس الكلام المخيل، أي: معاني الكلام المفيدة للتخييل، وهي القضايا المخيلات التي هي العمدة في قوام الشعر ومادته التي يتألف منها.
وإذا اجتمعت هذه العناصر الثلاثة كان الشعر كاملا، وحق أن يسمى " الشعر التام " وبها يتفاضل الشعراء وتسمو قيمته إلى أعلى المراتب أو