3 - الذاتي في باب الحمل أيضا، وهو ما كان نفس الموضوع في حد ذاته كافيا لانتزاع المحمول بدون حاجة إلى ضم شئ إليه، وهو الذي يقال له: " المنتزع عن مقام الذات " ويقابله ما يسمى " المحمول بالضميمة " مثل حمل الموجود على الوجود وحمل الأبيض على البياض، لا مثل حمل الموجود على الماهية وحمل الأبيض على الجسم، فإن هذا هو " المحمول بالضميمة " فإن الماهية موجودة ولكن لا بذاتها بل لعروض الوجود عليها، والجسم أبيض ولكن لا بذاته بل لضم البياض إليه وعروضه عليه. بخلاف حمل الموجود على الوجود، فإنه ذاتي له بدون ضم وجود آخر له بل بنفسه موجود. وكذا حمل الأبيض على البياض، فإنه أبيض بذاته بدون ضم بياض آخر إليه فهو ذاتي له.
4 - الذاتي في باب الحمل أيضا، ولكنه في هذا القسم وصف لنفس الحمل لا للمحمول كما في الاصطلاحين الأخيرين، فيقال: " الحمل الذاتي " ويقال له " الأولي " أيضا، ويقابله " الحمل الشايع الصناعي " وقد تقدم ذلك في الجزء الأول (1).
5 - الذاتي في باب العلل، ويقابله " الاتفاقي " مثل أن يقال: " اشتعلت النار فاحترق الحطب، وأبرقت السماء فقصف الرعد " فإنه لم يكن ذلك اتفاقيا، بل اشتعال النار يتبعه إحراق الحطب إذا مسها، والبرق يتبعه الرعد لذاته، لا مثل ما يقال: " فتح الباب فأبرقت السماء، أو نظر لي فلان فاحترق حطبي، أو حسدني فلان فأصابني مرض " فإن هذه وأمثالها تسمى أمورا اتفاقية.
إذا عرفت هذه المعاني للذاتي، فاعلم أن مقصودهم من الذاتي في كتاب البرهان ما يعم المعنى الأول والثاني، ويجمعهما في البيان أن يقال: