وقد فهمنا أن اللفظ والمعنى لأجل قوة الارتباط بينهما كالشئ الواحد، فإذا أحضرت (1) اللفظ بالنطق فكأنما أحضرت المعنى بنفسه.
ومن هنا نفهم كيف يؤثر هذا الارتباط على تفكير الإنسان بينه وبين نفسه، ألا ترى نفسك عندما تحضر أي معنى كان في ذهنك لابد أن تحضر معه لفظه أيضا؟ بل أكثر من ذلك تكون انتقالاتك الذهنية من معنى إلى معنى بتوسط إحضارك لألفاظها في الذهن، فإنا نجد أنه لا ينفك غالبا تفكيرنا في أي أمر كان عن تخيل الألفاظ وتصورها كأنما نتحدث إلى نفوسنا ونناجيها بالألفاظ التي نتخيلها، فنرتب الألفاظ في أذهاننا، وعلى طبقها نرتب المعاني وتفصيلاتها، كما لو كنا نتكلم مع غيرنا.
قال الحكيم العظيم " الشيخ الطوسي " في شرح الإشارات: الانتقالات الذهنية قد تكون بألفاظ ذهنية، وذلك لرسوخ العلاقة المذكورة - يشير إلى علاقة اللفظ بالمعنى - في الأذهان (2).
فإذا أخطأ المفكر في الألفاظ الذهنية أو تغيرت عليه أحوالها يؤثر ذلك على أفكاره وانتقالاته الذهنية، للسبب المتقدم.
فمن الضروري لترتيب الأفكار الصحيحة لطالب العلوم: أن يحسن معرفة أحوال الألفاظ من وجهة عامة، وكان لزاما على المنطقي أن يبحث عنها مقدمة لعلم المنطق واستعانة بها على تنظيم أفكاره الصحيحة.
* * *