وجدت القناعة أصل الغنى فصرت بأهدابها متمسك ولبست من حليها خلعة فلا هي تبلى ولا تتهتك وأما الفقر فإنه صلاح في الدين وثبات في الحال، وقال الكرماني من رأى أنه من أهل الفقر وضيق المعيشة يزداد في تقر به ويحسن حاله وحال بيته من بعده وقال أبو سعيد الواعظ من رأى كأنه فقير نال طعاما كثيرا لقوله تعالى حكاية عن موسى - رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير - وأما ضيق المعيشة فإنه يدل على الكفاف لما تقدم أن الذي يرى نفسه من أوساط الناس جيدة وأما التلفيق فهو وضع كل شئ مع ما يناسبه فمن رأى شيئا من ذلك فإنه يكون مدبر أموره ويوقع ما يناسب بعضه ببعض وأما السفاهة فلا خير فيها لأنها من الأمور الشنيعة فمن رأى أنه يسفه على من لا يمكن فعل مثل ذلك به فإنه يكون ناكرا لا حسانه فمن رأى أن أحدا يسبه فالمعنى واحد وأما الالتقاط فهو حصول ما ليس هو في الامل فإن كان مما يحب نوعه فضد ذلك وأما العداوة فإنها تدل على المودة قال أبو سعيد الواعظ من رأى أن بينه وبين أحد عداوة فإنه يكون بينهما مودة لقوله تعالى - عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة - وقال بعض المعبرين من رأى أن بينه وبين أحد عداوة وهو يصبر لها ويدافع بالتي هي أحسن فإنه يدل على أن ذلك الرجل يصير صديقا له ناصحا في المودة لقوله تعالى - ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم - وأما الاحسان فهو محمود خصوصا إن كان للعدو
(٢٠٩)