ومنها قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري " إن من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولم يفعل " ومعنى الحلم هو معنى الرؤيا لكن غلب استعمال الرؤيا في المحبوبة والحلم في المكروهة وقال عمر رضي الله عنه: ألا أخبركم إن الانسان إذا نام عرج بروحه إلى السماء فما رأى قبل أن يصل إلى السماء فذلك حلم وما رأى بعد أن يصل إلى السماء فذلك الذي يكون وفى قول ابن سيرين بيان أن ليس كل ما يراه الانسان يكون صحيحا ويجوز تعبيره إنما الصحيح منه ما كان من الله تعالى يأتيك به ملك الرؤيا وهو روحائيل من نسخة أم الكتاب يعنى من اللوح المحفوظ وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها.
(فصل: في بيان معرفة الرؤيا ومجاريها وقوتها وضعفها) وبينت ما كان مستقيما واضحا وألغيت ما كان أضغاثا مختلطا وتأملت ذلك بتوفيق الله تعالى.
واعلم أن أصدق الرؤيا إذا نمت على جنبك الأيمن لقول ابن سيرين من نام على جنبه الأيمن فرأى رؤيا فهي من الله تعالى ومن نام على جنبه الأيسر أو على ظهره ورأى رؤيا فإنها من قبل الأرواح وربما يصح بعض ذلك وما كان منها في منامه على بطنه فهو أضغاث أحلام فأصدق ما تكون الرؤيا في الربيع والصيف لما تقدم من الحديث الشريف. وقد ذهب بعضهم بأن تفسير ذلك على هذا الوجه وأضعف ما تكون في الخريف والشتاء وقد قال ابن سيرين وغيره أقوى