وإذا صح العقد استحقت الأجرة عاجلا، إلا أن يشترط التأجيل.
ويملك المؤجر الأجرة والمستأجر المنفعة بنفس العقد، حتى لو استأجر دابة ليركبها إلى مكان بعينه، فسلمها إليه، فأمسكها مدة يمكنه المسير فيها، فلم يفعل، استقرت الأجرة عليه، وإذا قال: آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا، صح العقد، وإن لم يعين آخر المدة، ويستحق الأجرة للزمان المذكور بالدخول فيه، ويجوز الفسخ بخروجه ما لم يدخل في الثاني. ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يوجر مدة قبل دخول ابتدائها لافتقار صحة الإجارة إلى التسليم، (1) ومنهم من قال بجوازه، وأن التسليم مقدور عليه حين استحقاق المستأجر له، وتعذره قبل ذلك، لا ينافي عقد الإجارة. (2) ولا يجوز أن يوجر بأكثر مما استأجر به من جنسه، سواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره، إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه به، ولا بأس بذلك مع اختلاف الجنس، كأن يستأجر بدينار فيؤجره بأكثر من قيمته من العروض، وإذا ملك المستأجر التصرف بالعقد، جاز أن يملكه لغيره، على حسب ما يتفقان عليه، من زيادة أو نقصان، إلا أن يكون استأجر الدار على أن يكون هو الساكن، والدابة على أن يكون هو الراكب، فإذن لا يجوز إجارته لغيره.
والإجارة عقد لازم من كلا الطرفين، لا ينفسخ إلا بحصول عيب من قبل المستأجر، نحو أن يفلس، فيملك المؤجر الفسخ، أو من قبل المستأجر، مثل انهدام المسكن، أو غرقه على وجه يمنع من استيفاء المنفعة، فيملك المستأجر الفسخ، وتسقط عنه الأجرة إلى أن يعيد المالك المسكن إلى الحالة الأولى، إلا أن يكون ذلك بتعدي المستأجر، فيلزمه الأجرة والضمان.